خلال الخمس سنوات الماضية بدأ الدور الروسي يبرز عالمياً، لاسيما بعد أن امتد النفوذ الغربي وخصوصاً الأميركي إلى الجمهوريات التي كانت من ضمن النفوذ "السوفييتي" السابق. وظهر ذلك واضحاً وجلياً عندما قننت روسيا إمداد تلك الجمهوريات بالغاز الذي يمتد إلى بعض الدول الأوروبية. لقد تمتعت تلك الجمهوريات السابقة بأسعار الغاز الرمزية، ولكن روسيا أدركت أن بيدها ورقة قوية وفعالة وأداة ضغط حيث -بحسب السعر الجديد للغاز- يرتفع سعره إلى أربعة أضعاف. وأدركت تلك الدول أهمية روسيا لأن الغرب لن يدفع بالنيابة عنها فاتورة الغاز. ودعم الغرب لخروج هذه الجمهوريات عن المظلة الروسية ينحصر في الدعاية بكل أنواعها، وهي بلاشك تجد تأييداً جماهيرياً ولكن الجمهور الفقير لا يستطيع أن يتحمل فاتورة الغاز المرتفعة، فلذلك هدأت وسكنت ووازنت بين العلاقتين والدعمين؛ أي مع أميركا وروسيا.
إننا بدأنا نسمع ردود فعل قوية من روسيا حول إمداد إيران بتكنولوجيا الذرة، إضافة إلى ذلك صرحت بأنها أمدت إيران بصواريخ دفاعية.
الحقائق على الأرض خلال السنوات القليلة الماضية، تشير بكل جلاء إلى أنه لم يعد هناك قطب وحيد في العالم، بل هناك أكثر من ثلاثة أقطاب. والتحركات هنا وهناك تكشف كل يوم صدق هذه الرؤى. هناك اتفاقية تزويد الصين بالنفط عبر أنبوب يمتد إلى أبعد من الصين، وبالأمس سمعنا عن أن السعودية تعتبر أكبر مزود للصين بالنفط. لاشك أن أميركا أكبر قوة عسكرية في العالم، ولكنها ليست كذلك كقوة اقتصادية قابلة للنمو مثل الصين والهند. والأيام ستظهر لنا الحقائق من الأوهام.
منصف أبوبكر - أبوظبي