التباينات الأيديولوجية العميقة، والانقسام الطائفي الذي تعمق في ظل الاحتلال، فضلا عن التدخل الإيراني المباشر... هي كلها عوامل تسببت في تأخير الوصول إلى اتفاق على تشكيل الحكومة العراقية، رغم أن فترة طويلة مضت حتى الآن على الانتخابات العامة التي شكك كثيرون في صدقية نتائجها، وإن مثلت مع ذلك الأساس الضروري لتشكيل الحكومة المنتظرة. وواقع الأمر أن العوامل أعلاه ليست هي كل المعوقات حصرا في هذا الصدد، إذ دخل على خط التجاذبات السياسية والطائفية، ذلك التنافس القديم بين حزبي "الدعوة" و"المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية"، حيث أظهر الأخير امتعاضه من التجديد لرئاسة إبراهيم الجعفري، وفي الوقت ذاته عادت إلى السطح بعض الحزازات القديمة أيضا بين عائلتي الحكيم والصدر، لذلك تشبث التيار الصدري برئاسة الجعفري للحكومة، حتى لا يحل محله أحد المحسوبين على عبد العزيز الحكيم. وإذ تم فعليا تكريس القسمة الطائفية للحكم، بحيث بات منصب رئيس الوزراء من نصيب الشيعة، فلم يكن ثمة من حل وسط إلا أن يتم اختيار أحد قيادات حزب "الدعوة" ليخلف رئيسه في قيادة الحكومة القادمة! لكن ذلك لم يكن ممكنا، إلا بعد أن أدرك الجعفري أن لا فائدة من تمسكه المستميت بإعادة ترشيح نفسه!
رائد حسين- بغداد