في إطار مساعيها لتصعيد حملة الضغوط على طهران, دعت إدارة بوش يوم الجمعة الماضي, إلى مقاطعة دولية لمبيعات الأسلحة لإيران, حتى ينصاع نظامها الحاكم إلى مطالب وقف أنشطته وبرامجه النووية. وقال نيكولاس بيرنز, وكيل وزارة الخارجية الأميركية, إن بلاده تعتقد أن الوقت قد حان كي تظهر الدول قوتها وعزمها في تصديها لطهران, بما في ذلك امتناعها عن بيع الأسلحة والتكنولوجيا الثنائية الاستخدام, التي يمكن توظيفها في البرامج النووية الإيرانية, سواء كان في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية, أم في تطوير السلاح النووي. وأشار بيرنز في معرض حديثه, إلى روسيا على وجه التحديد, مع العلم أنها تعد من أهم الدول وأطولها تعاملاً مع إيران في مجال التسليح.
غير أن السبب الرئيسي والمباشر الذي دعا بيرنز إلى خص موسكو بإشارته هذه, اعتزامها تنفيذ صفقة بيع صواريخ من طراز "تور إم ون" المضادة للطائرات, على رغم الاعتراضات الأميركية الصارخة على هذه الصفقة البالغة قيمتها 900 مليون دولار. تعليقاً على إصرار موسكو على المضي قدماً في خطوتها هذه, قال بيرنز– لسان الإدارة الرسمي في كافة القضايا المتعلقة بإيران- إنه لا يبدو منطقياً البتة, إصرار روسيا على تنفيذ صفقتها هذه. فالمعلوم عن إيران خرقها لكافة الاتفاقات والتعهدات الدولية التي قطعتها على نفسها, بشأن برامجها النووية. ولذلك فنحن نضع كل أملنا وثقتنا في ألا تقدم موسكو على إكمال هذه الصفقة.
بيد أن المسؤولين الروس أكدوا يوم الجمعة الماضي, عزمهم على تسليم إيران الصواريخ المذكورة, واصفين إياها بأنها لا تخضع لأي حظر أو عقوبات دولية مفروضة عليها. وفي ذلك السياق, صرح "نيكولاي سباسكي" نائب الأمين العام لمجلس الأمن الروسي, بقوله "في الوقت الحالي, فليس هناك ما يمنع الوفاء بالتزاماتنا في مجال التعاون العسكري والتقني بيننا وطهران. كان ذلك ما قاله للصحفيين في موسكو. "أما مستقبلاً, فإنه لا شيء يحظر التعاون العسكري التقني بين الدول, إلا في حال فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات عليه بالنسبة لطهران".
يذكر أن صواريخ "تور إم ون" (أرض- جو) قد جرى تصميمها خصيصاً, بوصفها صواريخ مضادة للطائرات والصواريخ الموجهة, التي تحلق في المديين المتوسط والمنخفض معاً. وهذا يعني نظرياً, إمكانية استخدامها ضد الطائرات والأهداف الأميركية, في حال تعرض إيران لأي هجوم أميركي عليها. ليس ذلك فحسب, بل أعلنت إيران رفضها التفاوض حول اقتراح بفرض عقوبات دولية على طهران, مع العلم أن اقتراحاً كهذا, لا يزال قيد انتظار صدور تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكان مجلس الأمن الدولي قد طالب طهران في التاسع والعشرين من شهر مارس المنصرم, بتعليق أنشطتها وبرامجها النووية, في ذات الوقت الذي طالب فيه "الوكالة الذرية" برفع تقريرها إليه خلال مدة ثلاثين يوماً. وفي يوم الجمعة المقبل, الموافق الثامن والعشرين من شهر أبريل الجاري, يتوقع أن يقدم محمد البرادعي, رئيس الوكالة, تقريره حول ما إذا كانت طهران قد امتثلت إلى مطالبة وكالته لها بتعليق أنشطتها النووية الخاصة بتخصيب اليورانيوم أم لا؟ والمعلوم أن واشنطن لا تزال تواصل ضغوطها على كل من روسيا والصين, في سبيل ضمان امتناعهما على الأقل, عن التصويت في قرار دولي يرمي إلى فرض عقوبات على طهران.
أما "سباسكي" فيقول من جانبه "عند حصولنا على التقرير وقراءتنا لما فيه, فإننا سننظر إلى قضايا محددة وملموسة, وليس إلى مسائل مجردة من شاكلة ما إذا كنا نحب طهران أم نكرهها, وماذا هي فاعلة بأجهزة الطرد المركزي التي بحوزتها؟ فالقضية المحورية التي يدور حولها كل هذا الجدل والخلاف, هو ما إذا كانت طهران قد فشلت في الوفاء بالتزاماتها, ومدى صحة الشكوك التي تثيرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية, حول الماضي النووي الإيراني. ومضى سباسكي مستطرداً في القول "فسرعان ما يغلق هذا الملف, حتى تستأنف طهران عضويتها الطبيعية والكاملة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية, في ذات الوقت الذي يصبح ممكناً لها تطوير برامجها السلمية النووية, إلى أقصى حد ممكن.
أما "علي أصغر سلطانية", سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية, فأعلن في حديث له أمام مؤتمر حول الأمن الدولي, عقد في موسكو مؤخراً, إنه ليس ثمة ظروف ترغم إيران على التخلي عن برامجها الخاصة بالطاقة النووية. ونفى المتحدث مجدداً أن تكون لتلك البرامج أية مكونات عسكرية أو نوايا لتطوير الأسلحة النووية. "وربما يندهش بعضكم إن قلت إن لبلادنا أهدافاً مشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية. غير أنني أؤكد هنا أنه لا ينبغي لإيران تطوير أي أسلحة نووية. ثم أضاف قائلاً: "على أنه يجب التمييز بين هذه, وحق إيران التام في تطوير تكنولوجيا الطاقة النووية السلمية. وهذا الأخير هو ما لن نتخلى عنه مطلقاً, ولأي سبب كان". إلى ذلك قال المتحدث إن بلاده سوف تعلن خلال الأسابيع القليلة المقبلة, عن طرح عطاء لتشييد محطتين للطاقة النووية خلال العشرين عاماً المقبل