يتزامن التوتر المتصاعد بين الغرب وإيران مع ظهور تحالف معادٍ للغرب –أطلقت عليه إسرائيل اسم "محور الرعب"- يمتد في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يشكل تحدياً جديداً لطموحات الولايات المتحدة الإقليمية.
ويقول المحللون إن التحالف الذي تشكل إيران مركزه قد اكتسب قوة وصلابة في الأشهر الأخيرة، بعد أن عمدت طهران إلى دعم تحالفاتها القديمة وتمتين علاقاتها مع دول (سوريا والعراق) ومنظمات ("حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي") تشترك في عدائها لإسرائيل والولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، يقول سامي مبيض، المحلل السياسي السوري، إن "التحالف الناشئ في هذا الجزء من العالم هو من صنع إيران التي تسعى إلى دعم وضعيتها عبر إنشاء تحالفات مع دول ومنظمات يمكنها أن تعزز مؤقتاً دورها ونفوذها الإقليميين".
وقد وصف المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة "دان جيلارمان" يوم الثلاثاء التحالف بـ"المحور الجديد للرعب"، وذلك عقب عملية انتحارية في تل أبيب أودت بحياة تسعة إسرائيليين وتبنتها حركة "الجهاد الإسلامي" التي تمولها إيران. وقال جيلارمان: "إن سحابة سوداء تخيم على منطقتنا وهي آخذة في الانتشار والتوسع نتيجة تصريحات وأعمال قادة إيران وسوريا والحكومة المنتخبة الجديدة للسلطة الفلسطينية".
ويضم التحالف -الذي يعتبر ارتجالياً وتكتيكياً وليس ميثاقاً استراتيجياً رسمياً- سوريا ومنظمات مثل "حزب الله" المدعوم من قبل إيران، ومنظمات فلسطينية مثل "الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة"، إضافة إلى بعض الحلفاء العراقيين. وحتى الآن يمكن القول إن الاستراتيجية ناجحة، حيث أضحى "حزب الله" واحداً من أكثر اللاعبين تأثيراً ونفوذاً في لبنان، كما يبدو عاقداً العزم على التشبث بجناحه العسكري في المستقبل المنظور.
أما إيران فلم تبْدُ يوماً أكثر عزماً وإصراراً من الآن، حيث تبدو مزهوة بنجاحها في تخصيب اليورانيوم ولا تتوانى عن الإعراب عن تحديها للولايات المتحدة بشكل شبه يومي. هذا في حين تستعيد دمشق الثقة في النفس في ظل تراخي الضغوط الدولية مؤخراً وسط مخاوف من أن يؤدي انهيار النظام "البعثي" في سوريا إلى أجواء عدم الاستقرار على شاكلة ما يحدث في العراق اليوم.
وتمثل إيران القوة المحركة لهذا التحالف، وهي التي تَعززت وضعيتُها الاستراتيجية في المنطقة بفضل الجهود التي قادتها الولايات المتحدة لخلع نظام "طالبان" المناوئ لطهران في أفغانستان شرقاً، وبعد سقوط عدوها البعثي في العراق غرباً. وخلال نهاية الأسبوع الماضي، استضافت إيران على مدى ثلاثة أيام مؤتمراً لدعم الفلسطينيين، تعهدت خلاله بمنح حكومة "حماس" التي انتخبت مؤخراً مساعدة قدرها 50 مليون دولار، كما أعادت التأكيد على أهمية علاقاتها بمنظمات فلسطينية أخرى.
ويقول "جوشوا لانديس"، أستاذ التاريخ بجامعة أوكلاهوما والخبير في الشؤون السورية: "أعتقد أن موقف الولايات المتحدة سيصير أضعف مما كان عليه في السابق. فالحرب على الإرهاب ساهمت في فقدان دعم البلدان المسلمة التي باتت تنظر إلى الولايات المتحدة اليوم باعتبارها البعبع الشرير ورمز الإمبريالية".
والواقع أنه منذ نحو سنة خلت، كانت وضعية سوريا الاستراتيجية تبدو قاتمة بعد أن أجبرت على الانسحاب من لبنان لتضع حدا بذلك لخمسة عشر عاماً من السيطرة. وقد كان "حزب الله" أيضاً يشعر بالضغط على خلفية رحيل حُماته السوريين وتصاعد الأصوات المطالبة بنزع سلاحه في لبنان. إلا أن انتخاب أحمدي نجاد في أغسطس المنصرم رئيساً لإيران أحيا من جديد العلاقة الطويلة التي تربط طهران بدمشق. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن لسوريا دوراً جيوستراتيجياً كبيراً، ذلك أنها تمثل همزة وصل بين طهران و"حزب الله"، وقد كانت تعتبرها إيران الحلقة الضعيفة في السلسلة وأنها في حاجة إلى الدعم.
وإلى ذلك، ساهمت الانتخابات التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية في دعم التحالف الناشئ، حيث هيمنت فصائل شيعية مقربة من طهران في أواخر ديسمبر على الانتخابات العراقية. وبعد ذلك بنحو شهر، حققت "حماس" فوزاً كاسحاً في الانتخابات الفلسطينية، لتمنح بذلك إيران نفوذاً أكبر في الساحة الفلسطينية- الإسرائيلية.
وفي منتصف شهر يناير، استضاف الرئيس الأسد قمة في دمشق ضمته مع نظيره الإيراني أحمدي نجاد في أول زيارة رسمية يقوم بها هذا الأخير إلى الخارج. وقد حضر القمة أيضاً قادةُ "حزب الله" ومنظمات فلسطينية مناوئة لإسرائيل فيما وصفه بعض المحللين بـ"تأكيد المحور المعادي للغرب". وقد علق أحد صحفيي جريدة "النهار" اللبنانية وقتها على القمة قائلاً إن الاجتماع بين أحمدي نجاد والأسد لا يُعتبر مؤشراً على الانهزام، وإنما يمثل تحذيراً مشتركاً للعالم. وهو تحذيرٌ بأن التحالف بين الجارين في طريقه لأن يصبح أقوى وأكثر متانة.
إلى ذلك، يضم التحالف "جيش المهدي" التابع لمقتدى الصدر الذي تعهد خلال زيارتيه في يناير وفبراير إلى طهران ودمشق بالهبوب للدفاع "