كلما زرت المملكة العربية السعودية والتقيت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وغيره من القادة والمسؤولين كلما شعرت بأهمية الدور السعودي في المنطقة، وبما يترتب عليه من مسؤوليات في الداخل ونتائجها في الداخل والخارج. وفي الوقت ذاته تتعمق معرفتك ويتسع اطلاعك على كثير من المعلومات والتفاصيل المتعلقة بمجريات الحركة الدولية والإقليمية الجارية لمعالجة قضايا حساسة داهمة ينبغي التعامل معها بكثير من الدقة في الحساب والعناية في المواكبة خصوصاً في هذه المرحلة بالذات. كل المسؤولين، مشغولون، يزورون عواصم العالم ويستقبلون في المملكة موفديها. يتعاطون مع الأمور بهدوء وحكمة وروية. ليس ثمة تسرع مع إدراكهم أهمية عامل الوقت وضرورة الاستفادة منه. وليس ثمة انفعال لأن الصبر وعامل الوقت كفيلان بالتخفيف من حدة الكثير من المشاكل وفتح أبواب الحلول. المهم هو: سلامة المملكة وازدهارها، والتي هي من أمن واستقرار وازدهار المنطقة. لذلك ترى في المملكة اهتماماً، بالأزمة الإيرانية والملف النووي والمشكلة الإيرانية مع المجتمع الدولي. وبالأزمة العراقية المفتوحة على احتمالات حروب أهلية وصراعات خطيرة. والوضع في لبنان وارتباطه بالعلاقة مع سوريا التي تعيش نوعاً من العزلة، وتعاني مشكلة مع المجتمع الدولي. وكذلك الوضع في فلسطين بعد تشكيل "حماس" حكومة جاءت نتيجة انتخابات ديمقراطية وترفضها أميركا والغرب. وهنا ترى الحركة السعودية في كل الاتجاهات: باريس– اليابان– ماليزيا– باكستان– الهند– إفريقيا– إيران– فضلاً عن الحركة العربية التي لا تتوقف.
للمملكة دور مهم في المنطقة. وهي مستهدفة. بل ربما لذلك هي مستهدفة. مستهدفة من الإرهاب الذي استهدف مواقع فيها وهدد مواقع استراتيجية نفطية أخرى، لكن سياسة النفس الطويل والمتابعة أصابته أيضاً فتمكنت القوات السعودية من توجيه ضربات موجعة لفرق الإرهاب المتنقلة على أرض المملكة، التي يدرك قادتها أن العلاج لا يكون أمنياً فحسب. بل ثمة ضرورة لإصلاحات ومبادرات في التعليم والتربية والمؤسسات الدينية والإعلامية تواكب عملية التطور وتواجه كل حالات الانغلاق والتعصب والإرهاب. ولذلك كانت رعاية الملك عبدالله لمؤتمر عن الإرهاب، ودعوة لمؤتمر دولي وحركة دولية لمواجهته بشراكة عالمية. وإنشاء مركز وطني للحوار الداخلي بين الفئات السعودية المختلفة حول عدد كبير من المواضيع التي تهم المواطنين السعوديين وتثير نقاشاً في المجالس وبعض الصحف، فأصبح النقاش علنياً إلى حد ما ومفتوحاً في إطار هذا المركز وهذه خطوات تساعد على التصدي لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة، إضافة إلى الاهتمام بالناحية التنموية من خلال خلق المزيد من فرص العمل عبر التشريعات التي أقرت والمشاريع التي تطلق في كل أنحاء المملكة.
وفي الجانب الآخر، فالمملكة صاحبة دور أساس في منطقة الخليج. الزيارات الإيرانية لها واللقاءات مع قادتها من قبل موفدين إيرانيين كبار تكثفت في الفترة الأخيرة. الحوار يتناول العلاقات الثنائية. أزمة المفاعل النووي. الوضع في العراق وكذلك الوضع في سوريا ولبنان والتدخل الإيراني والسوري في لبنان. كل الأمور تناقش بصراحة. المملكة لا تريد إلا الخير لجيرانها لكنها تلتزم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد من قبل بلد آخر. وتلتزم السعي إلى حل المشاكل بالحوار والأساليب الهادئة. لأنها تتطلع إلى استقرار كل الأوضاع في الأمة الإسلامية كلها وتدرك أن ثمة مشروعاً يستهدفها. نعم، تسمع من قادة المملكة تحليلاً هادئاً لكل هذه الأوضاع يدرك مساوئ ومخاطر الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية في المنطقة ومخاطر المشروع الإسرائيلي المستفيد من هذه الأخطاء. ولذلك فإن الحركة السعودية على خط النار والأزمة الممتدة من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق وإيران تتم بشكل واعٍ وحذر . وفي هذه الحركة ثوابت. حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة وعدم المساومة على القدس. وهنا لا يتغير الثابت سواء أكانت "حماس" في الحكومة أو غيرها ومن هذا المنطلق استمرت المملكة في احتضانها القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وفي تقديم الدعم له خلافاً لما ذهب إليه البعض في الغرب وبلاد العرب من مقاطعة وحصار ووقف كل أشكال الدعم عن الفلسطينيين الأمر الذي سيؤدي إلى نمو حالات التطرف والعنف وردود الفعل وبالتالي استمرار الصراع وإغراق المنطقة في حروب مستمرة وما يولده ذلك من تنمية لكل ما يسميه البعض إرهاباً ويفتح الأوضاع في المنطقة على احتمالات خطيرة. فإذا كانت المملكة حليفة تاريخية أو صديقة لأميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى فإن لها تحليلها ومواقفها وحساباتها التي تريد من خلالها الحفاظ على الشعب الفلسطيني وحقوقه ومن هذا المنطلق كانت مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت ولا تزال موضع اتفاق بين العرب منذ ذلك الوقت فيما تسعى إسرائيل إلى تدمير كل احتمالات التسويات والحلول وتدعمها في ذلك الإدارة ا