بقدر ما فوجئ كثيرون بتصريحات الرئيس التشادي إدريس ديبي، حين هدد بطرد آلاف اللاجئين السودانيين المقيمين هناك، هربا من نار الحرب المستعرة في إقليم دارفور، فإن تصريحاته التالية والتي تراجع فيها عن تهديداته السابقة، مثلت بالنسبة لي عودة إلى العقل ومقتضيات الواقع وقواعد التعامل بين الجيران وذوي القربى. فما يجمع السودان وتشاد هو أكثر من أن يتسع مقال لذكره، وليس أقل الأمثلة عليه هو الترابط القرابي القائم بين الرئيس ديبي نفسه وبين سكان دارفور الذين تشكل قبائل الزعاوة نسبة كبيرة منهم. وقد شكلت هذه الحقيقة الاجتماعية الصلبة أساسا للعمل الذي أوصل ديبي إلى السلطة في نجامينا، مستفيدا من كرم الضيافة السودانية ومن الدعم الرسمي الذي قدمته له الخرطوم طوال سنتين من الإعداد لإطاحة الرئيس حسين هبري من الحكم.
وإلى ذلك فاللاجئون السودانيون الذين فروا من نيران الحرب في دارفور، ويبلغ عددهم مئات الآلاف، لن يكون ترحيلهم من الأراضي التشادية أمرا هينا من الناحية العملية، فالحرب ما تزال رحاها دائرة، والظروف التي دعتهم إلى النزوح لم تتغير، وإنه لأمر مفيد ونافع للجميع، تذكر نجامينا لهذه الحقائق!
محمد الأمين عوض- الخرطوم