"الآداب": شباب وكلمات ورسائل


في العدد الأخير من مجلة "الآداب" البيروتية، نطالع جملة من المقالات والأبحاث والدراسات؛ ضمنها افتتاحية مطولة بقلم سماح إدريس، وفيها يتحدث عن بعض المفردات أو التعابير القديمة/ الجديدة المتداولة في الساحة السياسية والثقافية اللبنانية. فكلمة "الحضاري" أكثر من يرددها هم "أمراء حرب سابقون، انتقلوا بسرعة قياسية من البربرية إلى الحضارة"! ووفقا للكاتب فقد شاعت هذه اللفظة على لسان جورج عدوان ووليد جنبلاط وفارس سعيد، وبعض أطراف 8 آذار الذين حاولوا أن يوحوا بأنهم لا يقلون حضارية عن 14 آذار! وفي انتقاد لاذع لذلك الخطاب الذي يمتطي خليطا غير متجانس من الكلمات، يذكرنا إدريس أخيرا بأن بعض الذين يتحدثون عن الحضارة، لا يتورعون عن الترويج لممارسات وأفكار عنصرية، وقد كانوا قبل أسابيع أو شهور قليلة ينادون بأن "على كل لبناني أن يقتل فلسطينياً"!


وفي تقديم لرسائل كتبتها ريتِشل كوري من فلسطين، قبل أسابيع من مقتلها في 16 مارس 2003، أثناء محاولتها منعَ جرّافةِ يقودُها جندي إسرائيلي من تدمير أحد البيوت الفلسطينية، تقول سيندي كوري (والدة ريتِشل): "كان رد ابنتي على تفجيرات 11 سبتمبر هو السعي إلى فهم المأساة وأسبابها، فانخرطت بعمقٍ في حركة السلام في أوليمبيا، وانجذبت سريعا إلى الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بوصفه أحد جذور الغضب الأساسية في الشرق الأوسط... ثم وسّعتْ دراستها لذلك الصراع، وبدأتْ بتعلم العربية... مولت ريتِشل رحلتها إلى فلسطين بنفسها، وفي يناير 2003 غادرت منزلَنا في أوليمبيا إلى الضفة الغربية... قالت لنا إنّ الذهاب إلى قطاع غزّة كان أحد أهمّ الأشياء التي فعلتْها لحياتها... قضت ليالي في آبار في رفح لتحميها من التدمير... ووثقت التدمير الذي لحق ببساتين الزيتون الفلسطينية والحدائق وبيوت الزرع، والإزعاج الذي يصيب الفلسطينيين عند الحواجز الإسرائيلية...".


وفي ملف عن الشباب الأردني والمشاركة السياسية، تستعرض دراسة لهشام البستاني تاريخ الحركة الطلابية الأردنية خلال 50 عاما، أي منذ عام 1951 حينما انطلق الحوار الطلابي الموسع حول ضرورة إنشاء اتحاد طلابي أردني، مما أفضى إلى قيام المؤتمر العام لطلبة الأردن عام 1953. وحول معوقات العمل الشبابي الطلابي الأردني، يذكر الكاتب ثلاثة عوامل رئيسية؛ أولها السلطة السياسية التي عملت بشكل كبير ومستمر على ضرب الحركة الطلابية الأردنية وتفتيتها، إذ لم توافق في أي مرحلة من مراحلها على قيام تنظيم نقابي طلابي جامع ومستقل. فيما يمثل الواقع الاجتماعي/ الثقافي ثاني المعوقات التي تشل العمل الطلابي الأردني؛ وهنا يشدد الكاتب على أن الطفل العربي يتعرض منذ ولادته لعملية تطويع ضمن المنظومة الاجتماعية المتوارثة، "فيصبح عاجزا ومسلوبا من حقوقه ومجردا من حريته...". أما المعوق الثاني فهو القوى السياسية المدنية التي كانت دائما تستعمل الحركة الطلابية لإثبات وجودها على الساحة السياسية، أو لجذب الكوادر أو لنشر فكرها السياسي والأيديولوجي.


 







Foreign Affairs


نوعا "اليسار" في أميركا اللاتينية