لم تكن الشائعات في أسواق الإمارات تهدأ حتى تعاود نشاطها مجدداً مع اقتراب إعلان الشركات المدرجة عن نتائجها الربعية بنهاية كل ربع سنوي، حيث يعمد المضاربون إلى نشر شائعات حول أسهم معيّنة، تارة بدعوى تجزئة أسهمها وأخرى باعتزام مجلس إدارة الشركة رفع رأس المال، وهو ما جعل الكثير من المحللين يصفون السوق الإماراتية بأنها سوق شائعات ومضاربات، بعدما أصبحت "الشائعات" هي المحرك الرئيسي لأسعار الأسهم وليس أداء الشركات.. وتغذّى الشائعات بقوة التسريبات التي ترد إلى الأسواق من داخل مجالس إدارات الشركات عن أرقام الأرباح ونسب التوزيعات على المساهمين، الأمر الذي يستغله المضاربون في تحريك أسعار أسهم معيّنة صعوداً أو هبوطاً.
لقد استشعرت هيئة الأوراق المالية خطورة الشائعات على سوق الأسهم، بعدما لاحظت أن كثيرا من المستثمرين الصغار يعتمدون عليها بشكل رئيسي في تحديد قراراتهم الاستثمارية، وهذا ما جعلها تقرر القيام بحملة توعية كبيرة استخدمت خلالها الهاتف المحمول للمرة الأولى، لتحذير المستثمرين من الشائعات التي عادت مجدداً إلى أسواق الأسهم مع اقتراب موعد إعلان الشركات المدرجة عن نتائج أرباحها للربع الأول من العام الجاري، والذي يحدّد حركة السوق خلال الشهور المقبلة، بعد موجة تصحيح حادة تأثرت بها كل الأسهم من دون استثناء.
ومن المؤكد أن هناك شريحة من المضاربين -خصوصا أولئك الذين اعتادوا الجلوس داخل قاعات التداول- تعمد إلى نشر الشائعات بهدف إيجاد طلب وهمي أو مصطنع لرفع أسعار أسهم معيّنة لتحقيق أرباح سريعة، ومن ثم الخروج من السوق سريعا أيضا، وكثيرا ما ينسّق هؤلاء مع بعض الوسطاء وأصحاب محافظ استثمارية، لكن في المقابل هناك مخالفات تقع فيها بعض مجالس إدارات الشركات ولو عن غير عمد، حيث كثيرا ما تنفي الشركة رسميا أكثر من مرة ردا على رسائل من هيئة الأوراق أو إدارة السوق، أن تكون لديها معلومات جوهرية حتى تاريخه تؤثر في حركة السهم، وما أن تمر أيام معدودة حتى تتخذ الشركة قرارا ضاربة بعرض الحائط النفي الذي سبق وأن أصدرته، وهو ما يغذّي بالفعل بورصة الشائعات لدرجة أن الكثير من المستثمرين باتوا لا يصدقون النفي الذي تصدره الشركات، وحدث ذلك بالفعل مع أكثر من ثلاث شركات نفت شائعات عن تجزئة أسهمها أو رفع رأسمالها ثم عادت بعد فترة واتخذت قرارات رسمية بالتجزئة أو برفع رأس المال، ومع ذلك لم تسارع الهيئة ولا إدارات الأسواق إلى فرض عقوبات على مجالس إدارات هذه الشركات. إن الهيئة لا تزال عاجزة عن ضبط تسريبات الأخبار التي ترد إلى فئة معيّنة داخل السوق والتي تربطها علاقات صداقة أو قرابة مع عضو أو أعضاء في مجالس إدارات الشركات، وتستفيد من المعلومات التي ترد إليها قبل أن ترسلها الشركة إلى إدارة سوق المال، مع أن السيطرة على هذه التسريبات تبقى أسهل من التحكم في الشائعات، نظرا للتقدم التكنولوجي الذي يوظفه مروّجو الشائعات في شكل استخدام "المحمول" و"الإنترنت"، التي أوقعت في شباكها الإلكترونية الكثير من الضحايا، وبات من الصعب ملاحقة جميع هذه المواقع، سواء لتكاثرها أو لأن حاضناتها غير معروفة أساساً.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية