"سريانا" فيلم جديد أنتجته هوليود يمثل فيه جورج كوني شاهدته أثناء وجودي في أميركا.
الفيلم تبدأ مشاهده في إيران وينتقل بنا إلى دول الخليج ولبنان، من مشهد إلى آخر. فتاة إيرانية وبكامل أناقتها في أحد البارات أو السهرات السرية وهي تجلس مع الرجال تشرب الويسكي وتؤدي ما هو مطلوب منها في الجلسات الخاصة، ومن ثم تبدأ الفتاة بارتداء ملابس الحشمة وتهم بالخروج من السهرة الحمراء. طبعاً الرسالة واضحة بأن إيران كمجتمع محافظ يجد الناس طريقهم فيه لممارسة ملذاتهم، وأن الحجاب أو ملابس الحشمة لا تعكس حقيقة الواقع. فالواقع يحتوي على تناقضات عديدة، وأن الناس تمكنت من التعايش مع واقع المحافظين بطريقة إباحية.
وفجأة تظهر مجموعة من رجال الأعمال العاملين في مجال صناعة النفط بحضور رجال الاستخبارات، وتبدأ مناقشة موضوع استمرارية سيولة النفط إلى البلدان الغربية والمخاوف المستقبلية من أن ينقطع النفط نتيجة لاستيلاء أحد أبناء الحاكم في دولة خليجية بعد وفاة والده الذي يبدو أنه يقترب من الموت. النقاش حول أبناء الحاكم، فالأول الذي سيعتلي سدة الحكم لديه وجهة نظر مخالفة للأميركان ويبدو أن ميوله آسيوية والأصغر منه موالٍ للمصالح الأميركية. وتبدأ الخطة تحاك كيف يتم التخلص من الابن الأكبر وتمكين الأصغر من الحكم في حالة وفاة الأب. ينتقل بنا الفيلم إلى لبنان للاجتماع مع أعضاء من "حزب الله" وتبدأ المشاورات حول قضايا كثيرة ومناقشة المصالح المشتركة ليبين المخرج العلاقات الخفية بين الاستخبارات الأميركية و"حزب الله".
وفي دول الخليج العربي يعرج بنا المخرج على أوضاع العمالة الآسيوية وكيف تتحول هذه العمالة إلى رصيد لقوى الإرهاب عندما تواجه الأوضاع المعيشية الصعبة, على أيدي أئمة المساجد.
وبعد مشاورات واجتماعات عديدة من قبل رجال الاستخبارات الأميركية تم تنفيذ عملية الاغتيال للابن الأكبر للحاكم ويتم تنصيب الابن الأصغر لإدارة شؤون الحكم بعد وفاة والده.
فيلم "سريانا" خليط من الأحداث يحاول أن يبين دور الاستخبارات الأميركية في عمليات الاغتيال، وفي نفس الوقت يحاول الفيلم أن يظهر الجانب الأخلاقي الذي يمثله جورج كوني حيث يحاول فضح جريمة الاغتيال قبل تنفيذها إلا أن جهوده تضيع هباءً.
بعد مشاهدتي للفيلم أكثر من مرة بدأت أتساءل حول دور صناعة السينما الأميركية في تعبئة الرأي العام ضد المسلمين والعرب خصوصا أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر شهدت المنطقة العربية أحداثاً ضخمة قلبت موازين القوة فيها, وأهمها أحداث العراق ولبنان وسوريا.
المسلمون والعرب وجدوا أنفسهم حبيسي عقدة الذنب وأخذوا يدافعون عن أنفسهم، إلا أننا لم نفكر قط بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الأميركية والغربية في التعبئة ضد الإسلام والمسلمين. نحن مطالبون بتحسين صورتنا لديهم ولكن هم يمارسون العداء وبث الكراهية تجاهنا. فكيف نستطيع أن نعيد التوازن للعلاقة الإسلامية الغربية في ظل التعبئة المستمرة ضدنا؟! وكيف لنا أن نقلل من الكراهية نحوهم ووسائل إعلامهم تغذي النمطية الكريهة ضد الإسلام والمسلمين؟ أنصح بمشاهدة الفيلم لكي نتعرف على طبيعة الصراع الخفي الذي يحكم منطقة الشرق الأوسط. ويبقى علينا أن نسأل أنفسنا عن الدور المنوط بنا حيال الأحداث السريعة التي تهب علينا من كل حدب وصوب!