من المؤكد أن أحد أسباب سعي الدولة لافتتاح أفرع لجامعات عالمية عريقة: هو الحد من سلبيات بعض الجامعات والمعاهد الخاصة المنتشرة في الدولة وبالتالي إعادة "هيبة" التعليم في القطاع الخاص وذلك بعد أن أساءت تجاوزات هذا القطاع للعملية التعليمية بسبب سيطرة التجارة أو "ثقافة البزنس"على الخدمة التعليمية الحقيقية، بدلاً أن يكون رافداً للقطاع التعليمي الحكومي. طبعاً هناك أسباب أخرى مثل، الاستفادة مما حققته تلك الجامعات من سمعة عالمية في مجال التفوق العلمي، وكذلك يتيح وجود هذه الجامعات الفرصة أمام المجتمع للاستفادة من الخبراء المتواجدين فيها أثناء تكوين تكتلات ثقافية يعتمد عليها في المشورة. كما ويعتبر تعدد مشارب تلك الجامعات من جامعات ألمانية وفرنسية وأميركية هدفه إتاحة الفرصة والبدائل أمام الطلبة للمزيد من الاختيار بين مؤسسات التعليم في مختلف التخصصات والخبرات في العالم. والواضح هنا أن الدولة تسعى بكل جهد لتذليل الصعاب لاستقطاب تلك الجامعات لاسيما بعد أن بات افتتاح أفرع الجامعات العريقة عرفاً للعديد من دول العالم، والواضح أيضاً أن هناك اتجاهاً في أجندة الدولة نحو الاتساع في افتتاح تلك الجامعات مستقبلا لرفع المستوى الثقافي والفكري لدى المواطن الإماراتي، فهذا كله من شأنه تحقيق واستمرار العملية التنموية في الدولة.
وإذا اتفقنا على أنه لا جدال في حجم الفائدة المرجوة من التوسع وإذا اتفقنا أن تطوير العملية التعليمية هو من أولويات الحكومة الإماراتية، حيث أعلنت أمس ثلاثة معاهد ألمانية متخصصة عن نيتها افتتاح أفرع لها في أبوظبي، كما أعلنت جامعة السوربون الفرنسية عن بدء نشاطها خلال شهر أكتوبر القادم، فإن التحدي الحقيقي لهذه الجامعات يتمثل في القدرة على وضع حد لانتشار الجامعات الخاصة الموجودة في الدولة والتي أصبح همها الأول تحقيق مكاسب مادية في الدولة كما أنه من المتوقع أن يؤدي هذا الانتشار للجامعات العريقة إلى إعادة تقييم للخدمة التعليمية ومستواها التي تقدمها الجامعات الأخرى في الدولة. وبلا شك سيكون افتتاح هذه الجامعات في صالح التركيز على تطوير العملية التعليمية وسيقلل من الكثير من سلبيات ابتعاث الطلبة إلى الخارج. كما أنه سيفتح المجال لمن يرغب في تطوير قدراته التعليمية دون أن يحتاج إلى تفرغ كامل، فالتجربة جيدة ومفيدة.
ومع تثمين هذه النقلة النوعية في التعليم العالي بالدولة يبقى أن نجاح هذه التجربة الجديدة- التي يعول عليها الكثير من التطوير- مرهون بمدى تحقيق خططها للهدف الذي على أساسه تم تحرك الحكومة، ربما أهمها "فرملة" انتشار الجامعات الخاصة وكذلك بمدى قدرتها على تأهيل طلابها ليكونوا داعماً لاحتياجات السوق المحلية ليس فقط المهارات ولكن أيضاً في التخصصات بعد أن اتضح من خلال البعثات أن بعض التخصصات لا تخدم المجتمع، فهل ستعالج الجامعات الجديدة تلك المشاكل؟!
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية