عقدت في الفترة من 11-13 أبريل الجاري، بالدوحة في قطر، فعاليات "منتدى الدوحة السادس للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة"، ويعتبر هذا المنتدى من أهم المنتديات العربية التي تعالج قضايا الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة. فلقد اشترك هذا العام أكثر من 680 شخصية سياسية وبرلمانية وأكاديمية ينتمون إلى 71 دولة، منهم العرب والأوروبيون والأميركان والأفارقة والآسيويون، إضافة إلى شخصيات من أميركا اللاتينية.
عقدت في المؤتمر 12 جلسة عمل و4 موائد مستديرة، شارك فيها نخبة من الأكاديميين والسياسيين، ركزوا خلالها على عدة محاور تعالج قضايا الإصلاح والتطور الديمقراطي في الوطن العربي من حيث العلاقة بين السلطة والمعارضة وتعزيز الديمقراطية ومحاربة الإرهاب وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب القضايا المتصلة بالتنمية البشرية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيل التكامل والتعاون الاقتصادي والتنمية ومقتضيات الإصلاح.
في اليوم الأول للمؤتمر، ألقى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر كلمة أكد فيها أن الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة، تكمل بعضها بعضاً ولا يمكن تطبيق إحداها بمعزل عن الأخرى. فالديمقراطية وخاصة في الدول النامية، لن تتحقق بدون تنمية فاعلة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والحرية السياسية لا معنى لها في مجتمع يسوده الفقر وتعاني شريحة كبيرة فيه من الجهل والمرض والبطالة. وبالمقابل فإن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق ما لم يسمح للفرد بالمشاركة في اتخاذ القرار وحماية مصالحه الاقتصادية.
في اليوم الثاني خصصت الجلسة الأولى لمناقشة الفجوات الثلاث في تقرير التنمية البشرية العربية، والتي تتمثل في نقص المعرفة وفجوة الحريات وإصلاح الحكم السياسي وتمكين المرأة.
تحدث في الجلسة "مايكل هدسون" أستاذ في جامعة جورج تاون الأميركية، وانتقد التقرير قائلاً، إن هنالك تصوراً بأن هذه الأمور يمكن إصلاحها بمجرد أن توافق عليها الحكومات، وهذا غير صحيح. وأكد على أهمية السياق المجتمعي، فنقص المعرفة لا يمكن علاجه بدون الأخذ بالاعتبار "ثقافة المجتمع" وتطوره الحضاري والمجتمعي ومدى تقبله للتطورات العالمية.
الولايات المتحدة اليوم تهيمن على العالم، وتأثيرها كبير على الواقع العربي، ومع ذلك خلقت أميركا مشاكل في المنطقة العربية أكثر مما كنا نتوقع. وتساءل: كيف يمكن تحقيق التنمية في مجتمعات ممزقة- مضطربة... هل التجارة الحرة تتطلب الديمقراطية؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا نجحت التجربة الصينية والهندية؟ هل يمكن جسر فجوة نقص المعرفة؟ الحل لا يكمن في بناء المدارس وإعداد المعلمين كما يتصور الكثير من القادة العرب، المهم في الأمر هو نوع التعليم وليس أعداد الطلبة... عليكم أن تعترفوا بأنه يوجد تناقض بين التعليم التقليدي الإسلامي والتعليم الحديث.
هنالك عدة تساؤلات عليكم طرحها أولها: ماذا ندرس؟ أي تعليم يمكن فرضه على طلبتنا؟ هل هو تعليم تقليدي من التراث أم تعليم حديث؟ هل تدرسون تاريخ العرب القديم وتعودون طلبتكم على الحفظ والاهتمام بالعادات والتقاليد كيف يمكن تحقيق ذلك في عالم متغير؟!
هل جلبكم للغربيين لتحديث التعليم سيغير مجتمعاتكم؟ ماذا عن الهوة بين الفقراء والأغنياء في بلدانكم؟ هل تغريب التعليم سيحل المشكلة؟ الشيء نفسه بالنسبة للكمبيوتر ونشر المعرفة، المطلوب في هذه المرحلة نشر التعليم في الوطن العربي لكل فئات المجتمع، خصوصاً الفقراء، لا يمكن حل مشكلة المعرفة بدون تغيير الحكومات لمفاهيمها القديمة.
أهمية مؤتمر الدوحة تكمن في طرح تساؤلات حول الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة. هنالك تساؤلات كثيرة طرحها الغربيون ويريدون إجابة عليها، أولها، لماذا تهاجمون الغرب ليل نهار وأنتم تعتمدون عليه في كل شيء؟ ويتساءلون كيف تريدون الاحتفاظ بعاداتكم وتقاليدكم وفي نفس الوقت تريدون اللحاق بالحضارة الغربية التي تتطلب التغيير باستمرار؟
الغريب في مؤتمر الدوحة هو التواجد العربي الكبير من المثقفين العرب الذين ينتقدون أميركا والغرب أمام ضيوفهم ليل نهار، ما دفع بعض الغربيين لطرح تساؤل: هل فكرتم بعد كل هذه الانتقادات ما هي خياراتكم وأفكاركم لدعم الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة بعيداً عن الغرب؟!!