بحلول شهر مايو المقبل تعتزم اللجنة الفيدرالية للاتصالات التي تنظم قطاع الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة فتح المجال للشركات الراغبة في توفير خدمة الهاتف المحمول على ارتفاع 35 ألف قدم من سطح الأرض. ورغم أن استطلاعات الرأي التي أجريت حول الموضوع تظهر أن أغلبية الأميركيين يعارضون فتح أجواء الطيران أمام خدمة الهاتف المحمول، حيث تصل نسبة المعارضة في بعض الأحيان إلى 70%، يتوقع المراقبون تراجع معارضة المسافرين مع ظهور تكنولوجيا جديدة تقلل من احتمالات تأثير الاتصالات داخل الطائرات على سلامة النقل الجوي، وهو ما يحتم على الجهات المعنية تعديل التشريعات القانونية لمواكبة التطور الحاصل في المجال والسماح لشركات الهواتف المحمولة بتوفير خدمة الاتصالات لعملائها على متن الطائرات. وفي هذا الصدد أعلنت اللجنة الفيدرالية للاتصالات أنها مستعدة لإصدار القوانين المناسبة مع بداية السنة المقبلة، وهي القوانين التي من شأنها السماح للشركات بالعمل في الميدان شريطة ثبوت عدم وجود أخطار محتملة على سلامة الركاب. ومن جانبها صرحت الوكالة الفيدرالية للطيران في الولايات المتحدة أنه ما إن يتأكد خلو الاتصالات الهاتفية داخل الطائرات من المشاكل حتى ترفع الحظر المرفوض حالياً على إجراء اتصالات الهاتف المحمول.
وفيما تتهيأ السلطات المعنية لإعطاء الضوء الأخضر لفتح مجال اتصالات الهاتف المحمول على متن الطائرات، مازال الأمل يحدو هؤلاء الذين يرغبون في الحفاظ على رحلات جوية خالية من إزعاج الهاتف المحمول بإيجاد مخرج ما. فقد أفادت إحدى الدراسات التي نشرت خلال الشهر الجاري أنه خلافاً لما يعتقده العديد من الأميركيين، تشكل الإشارات الصادرة عن الهواتف المحمولة خطراً واضحا على سلامة الرحلات الجوية بسبب تداخلها مع بعض المعدات الحساسة للملاحة الجوية وتأثيرها على طبيعة عملها. "جرانجر مورجن"، أحد المشرفين على الدراسة ورئيس قسم الهندسة والسياسة العامة في جامعة "كارنيجي ميلون" في الولايات المتحدة، حذر من مغبة التسرع في فتح الأجواء أمام مكالمات الهاتف المحمول قائلاً: "رغم عدم رغبتي في إثارة مخاوف الناس، فإنني أعتقد بضرورة الانتظار قليلاً للتأكد من عدم وجود أية أخطار على سلامة الرحلات الجوية". ويذكر هنا أن "مورجن" ومعه زميل آخر له كانا أول من أجرى قياسات على مستوى موجات الراديو التي تطلقها الهواتف المحمولة على متن 37 رحلة جوية. وقد جاءت النتائج صادمة، حيث تبين أنه رغم تشديد التعليمات على حظر استعمال الهواتف المحمولة على متن الطائرات، فإن من عدد يستخدمونها يتراوح ما بين شخص إلى أربعة أشخاص في كل رحلة. والأكثر من ذلك أظهرت الدراسة أن الإشارات التي تبعث بها الهواتف المحمولة تعبر بالفعل إلى المجال الجوي الذي تستخدمه أنظمة المراقبة وتحديد مواقع الطائرات.
ومع أن الإشارات ليست بالكثافة القوية كي تستمر لوقت طويل، غير أنها كفيلة، حسب رأي الخبراء، بالتسبب في بعض المشاكل على متن رحلات الطيران، خصوصاً عند هبوط الطائرات.
وقد زاد من حدة النقاش الجاري حالياً في أوساط إدارة الاتصالات والرحلات الجوية بالولايات المتحدة تمسك المدافعين عن فتح الأجواء برأيهم إذ يعتقدون أن التكنولوجيا المتطورة أضحت قادرة على تجاوز العقبات وضمان رحلات آمنة وفي نفس الوقت مفتوحة أمام اتصالات الهواتف المحمولة. هذا ولم تنتظر شركات الطيران كثيراً كي تشرع في تجريب استخدام الهواتف المحمولة على متن طائراتها، حيث قامت شركتا طيران أوروبيتان بإنشاء نظام خاص يبقي الإشارات الصادرة عن الهواتف المحمولة في مستويات منخفضة للغاية تحد من تأثيرها على الاتصالات التي تجريها الطائرة كما أنها لا تتداخل مع الإشارات التي تبعث بها الطائرة إلى مراكز المراقبة على الأرض. ويقوم النظام الجديد على تجميع مكالمات المسافرين وتوجيهها إلى مكان محدد في الطائرة يعمل عل تحويلها بدوره خارج الطائرة، وبالتالي ينتفي خطر التأثير على أجهزة الاتصالات في قمرة القيادة.
وللتأكد من سلامة إجراء اتصالات الهاتف المحمول في الرحلات الجوية كلفت الوكالة الفيدرالية للطيران بالولايات المتحدة إحدى المؤسسات الخاصة بدراسة الموضوع ورفع توصيات بشأنه إلى الوكالة. ويعتقد المؤيدون لفتح الأجواء أمام اتصالات الهاتف المحمول أن التقرير المقرر صدوره في شهر ديسمبر المقبل سيؤكد مساعيهم ويثبت ألا وجود للأخطار المبالغ فيها التي يسوقها المعارضون للمشروع. وفي حال جاء التقرير إيجابياً تجاه استعمال الهواتف المحمولة، لن تتأخر شركات صناعة الطيران في المضي قدماً نحو اقتناء التكنولوجيا الجديدة ورفع الحظر على إجراء اتصالات عبر الهواتف المحمولة على متن الطائرات. لكن يبدو أن المعارضة الحقيقية لهذا المشروع مازالت تأتي من الشارع الأميركي، حيث صرح "كيفين ميتشل"، رئيس إحدى شركات الطيران قائلا: "ينطوي الموضوع على مفارقة كبيرة فبينما تشير الدراسات إلى إمكانية استعمال الهواتف المحمولة دون مشاكل، مازال رجل الشارع م