في مقال الدكتور خالد الدخيل:"الأنا والآخر: العربي هو الذي يتعرض للنفي"، المنشور في هذه الجريدة يوم الأربعاء الماضي، أشار إلى أن الاختلاف -الذي تحول لدى البعض إلى خلاف- بيننا وبين الغرب، تبرز في سياق تعبيراته المحمومة مجموعة من التناقضات أو المفارقات، في مقدمتها أن صراع الحضارات الذي هو الشغل الشاغل لكثير من الساعين إلى التصعيد على الجانبين العربي والغربي لم يحصل بالطريقة التي يتحدث عنها الجميع، وإنما أخذ صورا رمزية أساساً هي مما يقع عادة في نطاق الاختلاف في الهوية والثقافة وفي طريقة التفكير بين أي نمطين اجتماعيين مختلفين. غير أن الكاتب في إطار حِجاجه ركز أكثر مما يلزم، وبطريقة قد يفهم منها نوع من التضايق، من وجهة نظري الخاصة طبعاً، على مسألة تعدد صور المقدس في الثقافة العربية الإسلامية، وخاصة أن هذه ليست ميزة مقتصرة على ثقافتنا. فالثقافة الغربية أيضاً ترزح تحت طبقات مختلطة- متجلطة من أنواع المقدس الحقيقي القائم، أو الرمزي الموهوم، الشعوري واللاشعوري أيضاً. وفي خضم أزمة الرسوم الأخيرة، مثلاً ظهرت مسألة "حرية التعبير" المزعومة لدى العقل الغربي، ليس باعتبارها خياراً اجتماعياً أو ثقافياً، بل بدت كمقدس ديني أو رمزي، لا مجال للتعاطي معه بعقلانية، أو لوضعه في سياق إنساني نسبي كأي منحى من مناحي الإنسانية. وتكاد المسألة تكون خرجت من إطارها الإنساني إلى إطار لاهوتي لاعقلاني بكل ما للكلمة من معنى.
منصور زيدان - دبي