بعد مضي ثلاث سنوات على قيام جنود "المارينز" الأميركيين بإطاحة تمثال الرئيس العراقي صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد، يمكن للأميركيين والعراقيين الآن أن يفخروا بما حققه جهدنا المشترك وتضحياتنا منذ ذلك اليوم، هذا على الرغم من تسليمنا بأن هناك تحديات كثيرة تواجهنا على الطريق الذي نمضي فيه من أجل تحقيق هدف إقامة دولة مستقرة وديمقراطية في العراق.
ونجاح العراق يمثل أهمية حيوية للمنطقة وللعالم بأسره. ففي الشرق الأوسط الكبير ساهم غياب الحرية، وأحياناً غياب أنظمة الحكم المسؤولة أمام شعوبها، وغياب التقدم الاجتماعي والاقتصادي قبل كل شيء، في خلق بيئة نما فيها الإرهاب وازدهر. ولم يكن غريباً والحال هكذا أن تنعكس آثار السياسات المختلة وظيفياً السائدة في المنطقة على الولايات المتحدة ذاتها في الحادي عشر من سبتمبر 2001.
إن دعم عمليات التحول السياسي في مناطق بعيدة لم يكن أبداً بالمهمة اليسيرة أو غير المكلفة بالنسبة للولايات المتحدة. بيد أنه عندما تمكنت الأمم التي حررناها، من المضي بثبات وعزيمة واستمرار، فإننا أدركنا حينها أن الجهود التي بذلناها قد آتت أُكلها، وبررت التضحيات التي قُدمت من أجلها.
وعندما ننظر إلى العراق اليوم فإننا نجده يمر بعملية انتقالية صعبة. فخلال العام الماضي انتخب العراقيون حكومة انتقالية، وقاموا بصياغة، والتصديق على، دستور سليم، كما أجروا انتخابات ناجحة لتكوين جمعيتهم الوطنية الأولى، التي تمثل جميع الطوائف الرئيسية في البلاد.
وخلال الأثني عشر شهراً الماضية ارتفع عدد قوات الأمن العراقية من 127 ألف جندي إلى ما يزيد على 250 ألف جندي. والهدف الذي نسعى إلى الوصول إليه بحلول نهاية الصيف هو أن يقوم 75 في المئة من إجمالي عدد قوات الجيش العراقي بقيادة العمليات المضادة للتمرد، مع اقتصار دور قوات التحالف على تقديم الدعم والتدريب فقط.
ولقد تكاتف الزعماء العراقيون وقوات الأمن العراقية بشكل ناجح عندما تعرضت البلاد للاختبار الصعب ممثلاً في العنف الطائفي الذي اندلع عقب تفجير قبة مرقد الإمامين في سامراء في شهر فبراير الماضي.. كما دعت الحكومة العراقية بفعالية إلى الوحدة والهدوء، وتنفيذ الإجراءات الأمنية الهادفة إلى منع العنف الطائفي. وعلى الرغم من أنه لا يمكن القول إن جميع القوات العراقية قد تعاملت مع الموضوع بالحزم والنزاهة المطلوبين إلا أن الغالبية العظمى منها تمكنت مع ذلك ومن الإمساك بزمام المبادرة في فترة مبكرة من خلال الانتقال إلى حالة الاستعداد الكامل، وتأمين المناطق الرئيسية.
وعلى الرغم من التقدم الذي تحقق، فإن العراق لا يزال يحاول لملمة شتات نفسه بعد ثلاثة عقود من الإهمال القاسي والديكتاتورية المتواصلة. ونظرا لما نواجهه من تحديات خطيرة ومتفاقمة في آن معاً فإننا يجب أن نحوز على القدرة على تغيير وسائلنا وأساليبنا بما يتناسب مع الظروف المستجدة، وبما يساعدنا على تحقيق أهدافنا.
أولا: أن التهديد الأساسي للاستقرار يتمثل في ذلك الانتقال الذي حدث من مرحلة التمرد القائم على أرضية من الرفض للنظام السياسي الجديد، إلى مرحلة العنف الطائفي القائم على المخاوف المتبادلة وتبادل الاتهامات. فخلال الشهور الستة الماضية، استمر المتمردون في تأجيج نيران الطائفية من خلال شن هجمات مخططة ومحسوبة مثل تدمير قبة مسجد سامراء الذي أدى بدوره إلى حلقات من العنف المزعزع للاستقرار بين الطائفتين.
ونحن من جانبنا نعمل على مساعدة الزعماء العراقيين على التغلب على الطائفية من خلال تكوين حكومة وحدة وطنية تحكم من المركز، وتضم كافة القوى السياسية، وتتكون من وزراء يمتلكون الكفاءة على إنجاز مهامهم.
ثانيا، إن الائتلاف وقوات الأمن العراقية التي تزداد كفاءة على الدوام يعملان بجد من أجل حماية الشعب العراقي. وعلى الرغم من أن منع وقوع الهجمات الإرهابية تماماً أمر يعد بمنطق الواقع الموضوعي مستحيلاً، فإن الهدف الذي نسعى إليه هو خلق بيئة تخلو من الهجمات والترويع بدرجة تكفي لإتاحة الفرصة للمؤسسات العراقية الجديدة لأن تترسخ وتمد جذورها في الأرض، وإتاحة الفرصة للشعب العراقي للقيام بتطوير مشاريعه ومجتمعه المدني.
ثالثا: أن الزعماء العراقيين يطورون المؤسسات الدستورية الفعالة من ناحية والتي تثق بها جميع المجموعات من ناحية أخرى. ووزيرا الدفاع والداخلية -وكذلك كبار العاملين معهما- يجب أن يكونا محلا ثقة جميع الجماعات، ولا يصح بأي حال من الأحوال أن يتم الربط بينهما وبين المليشيات الإثنية والطائفية. فقوات الشرطة العراقية الجديدة يجب أن تعمل -وأن ينظر إليها الجميع على أنها تعمل- من أجل خدمة الشعب العراقي بأكمله وليس مجموعات أثنية أو طوائف.
رابعاً: أن الولايات المتحدة والحكومة العراقية ستعملان معا من أجل خلق بيئة داعمة للاستقرار في العراق. وإن العديد من أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، لعبوا دوراً مساعداً في تشجيع السُّنة العرب على المشاركة في انتخابات 2005.. ولكن لسوء الحظ، هناك د