في صحيفة صادرة باللغة الإنجليزية، تصدرت قضية وفاة أحد العاملين في مجال البناء الصفحة الأولى، ليشهدوا أن الدولة تقيم مآتم عزاء يومية لأمثال هؤلاء، وهذا دليل بشع على إجرام الدولة وأهلها.
وأعمال الشغب التي قام بها عمال إحدى شركات المقاولات، وغيرها من المظاهرات، التي صارت موضة يومية يدعيها العمال الذين يكيلون التهم لشركاتهم.
لست بصدد الدفاع عن الشركات أو العمال، لكنها عقود عمل واضحة البنود تحدد مصالح الطرفين والشروط التي يجب احترامها.
الأمر هنا أخطر من مجرد اضطرابات ومطالب نقابية، فالمتتبع لخفايا الأمور والملم بخيوط اللعبة، سيكتشف مافيا سرية تعمل على تحريك العمال والضغط عليهم، ويساندهم بشكل ما، آخرون لديهم صحفهم ومواقعهم الإلكترونية وكافة التسهيلات المتاحة.
التناقض هنا يكمن في مساحة الحرية للإساءة للدولة في صحف أجنبية تصدر داخل الدولة، وتضييق الخناق على المواطن حين يكتب ألماً، أو إبرازاً لظاهرة ما في عدد من صحفنا المحلية.
والتناقض الأهم هو إقصاء المواطن عن كثير من التفاصيل رغم أن الأجنبي متوغل حتى أطراف ظله في قضايا مسيئة، ورغم أن هذا متروك ويحترم وله حقه المصان.
ومنذ سنوات والمواطن يصيح، أنقذوا تركيبة البشر في هذا الوطن، لكنه كان صياحاً أحادياً وقع ضمن هوامش مؤجلة، وبقيت المشكلة تكبر وتتضخم لتتحول إلى سرطان مؤلم لا يكفيه البتر، بل تفاصيل أخرى عديدة.
في مسألة العمل والترقيات، المواطن الذي يعمل بجهد خالص لا مجال له، لأنه يبقى مواطناً، والآخر يستمتع بكل خدمات الدولة وبعقد عمل بلا نظير، وكأنه اكتشف أنه من سكان الجنة.
الإساءة للدولة مستمرة بشكل أو بآخر، وذاك الذي تسري في عروقه محبة هذا الوطن مُبعد إلى أجل غير مسمى، وشكوك في نواياه، وهناك اتهامات سرية له بأنه لا يستحق شرف المواطنة.
من يستحقها إذاً؟ رئيسة التحرير الآسيوية التي صدرت خبر وفاة عامل وكأنها نهاية العالم، وكأن كل مواطني الدولة مشاركون في هذه الأزمة، بل وملطخة أيديهم بدماء هذا الضحية؟
والحل هنا غاية في البساطة، فلتحمل حقيبتها هذه السيدة وتعود لبلادها التي لا يعاني سكانها من حيف أهلها، لكنه الحل المستحيل في نظرهم، فمن يترك هذه البلد ويرحل؟ لا أحد... إنه فقط المواطن الذي صار يفكر في هجرة غريبة بلا عودة لأنه تعرض لآلام وظلم لا يمكن البتة احتمالهما.
أعيدوا لنا دولتنا دون أحد من الغرباء، سنكتفي بسمك الخليج العربي... وتمر صحرائه، ونتخلى عن كل هذه الشواهق التي أخذت منا ولم تعطِنا.
وكفى استهتاراً بنا، فالحلوى لذيذة والمشاركة هنا مطلب جماعي، وعليه لابد من إبعاد هذا المواطن المتطفل ولتكن لهم وحدهم.
أما عن تصريح وزير العمل بضرورة إيجاد نقابات عمالية، فعلى معاليه إذاً أن يستعد لحجم المشاكل التي ستنتجها هذه النقابات، وعليه أيضاً أن يكون بمستوى المجتمعات التي تعيث النقابات العمالية فساداً في نواحيها، وعليه أيضاً أن يشرح للمجتمع ضرورة وجود هذه العمالة التي نرى أنها بلا ضرورة إلا لمصالح عدد من الهوامير.