هل تستطيع تلك المرأة إنقاذ فرنسا؟ هل تستطيع "سيجولين رويال"، السياسية الفرنسية ذات الإطلالة الأنيقة، والتي تحظى بنسبة قبول عالية كما تبين استطلاعات الرأي أن تقود الاشتراكيين إلى النصر في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى العام القادم؟
وخلال الارتباك والتشوش الذي أمسك بتلابيب فرنسا في الشهور الأخيرة، والذي بدأ بتظاهرات الشباب المهاجرين، ثم التظاهرات الضخمة التي بدأت سلمية ثم نحت إلى العنف بشأن قانون العمل الجديد، كانت رويال (52 عاماً) هي الوحيدة التي تمكنت من المحافظة على صورة طيبة.
يوم الخميس الفائت زينت صورة "رويال" أغلفة أربع مجلات فرنسية شهيرة منها مجلة "لوبوان" التي كتبت تحت صورتها: "رويال اللغز" في حين وضعت مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" إلى جوار صورتها تساؤلاً آخر هو: "ما الذي يدور في رأسها؟"، أما صحيفة "في. إس. دي" التي تقوم بتغطية الأخبار والترفيه فقد تساءلت هي الأخرى: "الرئيسة سيجولين: هل هي مستعدة"؟
وكانت "رويال" قد أدلت بتصريح لصحيفة "باري ماتش" التي نشرت لها صورة على الغلاف وموضوعاً داخلياً قالت فيه: "لأول مرة يبدو الشعب الفرنسي مستعداً للتصويت لامرأة... هذه في رأيي لحظة تاريخية تعكس صعود المرأة الذي لم يعد أحد يقدر على الوقوف أمامها".
واهتمام وسائل الإعلام بـ"رويال" ليس من قبيل الصدفة. فالناس خاب أملهم في الرئيس "جاك شيراك"، الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية منذ عام 1995، وأصبحوا أقل حماساً نحو الكهول من ذوي الشعر الأشيب الذين سيطروا طويلاً على إدارة الحزب الاشتراكي الممثل للمعارضة.
ومع التشوش الذي سيطر على الحكومة جراء التظاهرات التي اندلعت على خلفية ما يعرف بـ"قانون عمل الشباب"، واكتفاء المعارضة الممثلة في الاشتراكيين بتسجيل بعض النقاط أو تحقيق بعض المكاسب التكتيكية، فإن الآنسة "رويال"، وهي عضو في البرلمان، ورئيسة منطقة، ووزيرة سابقة، تحركت بسرعة لملء الفراغ.
وقد تبين من استطلاعات الرأي المتعاقبة أن "رويال" هي أكثر المرشحين الاشتراكيين المحتملين لمنصب الرئاسة شعبية حتى الآن. ليس هذا فحسب بل إنها تقدمت على وزير الداخلية "نيكولا ساركوزي" الذي جاء في مقدمة صفوف المرشحين "اليمينيين" في سباق انتخابي افتراضي على الرئاسة تم إجراؤه خلال استطلاعيين حديثين للرأي.
وهي تصف قانون العمل الجديد الذي كان الغرض منه تشجيع أرباب العمل على تشغيل الشباب من خلال جعل إجراءات الاستغناء عنهم أسهل من ذي قبل بأنه يمثل "فضيحة" ويعد "نوعا من العنف". وعندما سُئلت "رويال" خلال مقابلة عن الكيفية التي كانت ستتصرف بها فيما لو كانت في مكان الرئيس شيراك؟ صاحت قائلة: "كنت سأتصرف بذكاء! فيا لها من صورة جميلة!! تلك التي قدمناها للعالم عن فرنسا وهو يشاهد مظاهرات الضواحي في الخريف الماضي ثم مظاهرات الشباب في الشوارع اليوم...".
وتقديم صورة جذابة عن نفسها شيء تتقنه "رويال" تماماً. فبالإضافة إلى صورها التي تحتل أغلفة المجلات، فإنها كانت ضيفة "البرنامج الإخباري" في تلفزيون "تي. إف1" الذي أذيع يوم الخميس الماضي. كما أن الفصل الأول في كتابها الجديد المعنون: "رغبات للمستقبل"، ظهر يوم الخميس الماضي أيضاً على موقعها الشخصي على شبكة الإنترنت.
كما عملت "رويال" على تعزيز موقفها في الداخل من خلال صنع شهرة لها في الخارج. وهي تقول عن ذلك ضاحكة:
"أنا أقوم بعولمة نفسي"، في إشارة للمقابلات العديدة التي قامت بإجرائها مع صحفيين أجانب خلال الأشهر القليلة الماضية. ولقد أزعجت "رويال" "الحرس القديم" في الحزب الاشتراكي عندما لم تحضر الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس "فرانسوا ميتران" في يناير الماضي وفضلت أن تطير إلى تشيلي بدلاً من ذلك، حيث ظهر اسمها في المانشيتات الرئيسية للصحف هناك بعد مشاركتها في الحملة الانتخابية للمرشحة الاشتراكية لانتخابات الرئاسة التشيلية "ميشال باشيليه". ونظراً لأنها من كبار المعجبين بالسيناتور "هيلاري كلينتون" عضو مجلس "الشيوخ" عن ولاية نيويورك، فإنها تفكر الآن كما تقول في الظهور مع السيدة كلينتون في مؤتمر سيُعقد بواشنطن خلال يونيو القادم.
أما الاستراتيجية الداخلية لـ"رويال" فتقوم على معالجة الموضوعات المحلية التي تقوم بتصعيدها من قاعدتها الانتخابية المحلية "بواتييه" حيث ترأس منطقة "بواتو– شارانت" الواقعة في غرب فرنسا وهي موضوعات تشمل أشياء مثل: حماية البيئة، تحسين أحوال المدارس، زيادة الفرص المتاحة أمام المرأة، ومساعدة أصحاب الاحتياجات الخاصة.
ومن المعروف أن "رويال" من العناصر التي خاضت معارك داخلية عديدة في حزبها وأنها تشتهر بسلاطة اللسان، علاوة على أنها لا تحظى بقبول عام في دائرتها وخصوصاً من جانب الرجال. فالسيد "دومينيك كليمان" عمدة مدينة "سانت بينوا" (يمين وسط) التي تنتمي إليها يقول عنها: "إنها سيدة جميلة تحاول أن تظهر في صورة عصرية ومنفتحة... ولكن المسألة كلها في نظري عبارة عن تمثيل: فالتغليف جيد، والتسويق سهل، ولكن الزجاجة نفسها فارغة