العجيب في طريقة تعامل الأسرة الدولية مع الدول النامية هو التركيز على موضوع الإصلاح دون إعطاء مسألة التنمية أهمية كبيرة، وهذه ليست فقط مفارقة وإنما هو قفز على المراحل وتجاهل لمتطلبات الواقع. فمن كان يعاني من الفقر والجوع والمرض في حياته اليومية هل لديه ترف للدخول في جدل الإصلاح الديمقراطي والأخذ والعطاء في الشأن العام. مثلا في محاولات استنبات الديمقراطية في الدول الإفريقية كان الكثير من الفقراء يبيعون أصواتهم على قارعة الطريق، ويذهب معهم المشترون إلى مراكز الاقتراع، وينتظرونهم خارج نقطة التصويت، فإذا جاء الواحد منهم يأتي بالأوراق الانتخابية للاقتراع على منافسي المشتري، جميعها، وبعد إبرازها يتأكد هذا الأخير أن البائع لم يصوت سوى بورقة واحدة هي ورقته لأنها هي وحدها لم تأتِ، بعد وضعت في صندوق الاقتراع، بعدها يدخل المشتري يده في جيبه، ويعطي الناخب- البائع ما قسم الله له. هل هذه ديمقراطية؟ طبعاً لا! إذن لا ديمقراطية ولا إصلاح في ظل اختلال التنمية والفقر.
حاتم الورغي - تونس