صاروخ إيراني سرعته 100 متر في الثانية –تعتبره إيران الأسرع في العالم- وطوربيد لا يكشفه الرادار وصاروخ آخر يصيب عدة أهداف في وقت واحد و"يستحيل على الرادار اكتشافه"... هذه آخر الاختراعات الإيرانية التي تم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة الماضية ومن خلال المناورات البحرية التي تجريها إيران منذ يوم الجمعة الماضي في الخليج العربي.
إيران لا تختلف عن أي من دول العالم الثالث بل هي تؤكد من جديد أن الاهتمام بالسلاح والتسلح هو أهم ما يشغل هذه الدول على الرغم من أنها بحاجة إلى أمور أكثر أهمية من السلاح فدولة كإيران كانت ستفيد مواطنيها أكثر لو أنها ركزت على تطوير التعليم والصناعات السلمية ولو قامت بتطوير من بنيتها التحتية ووفرت فرص عمل لشبابها بدلا من تطوير تلك الصواريخ التي في الغالب لن تستخدم ولو استخدمت فإن أول المتضررين منها ستكون إيران...
المنطقة صارت مليئة بالأسلحة الخفيفة منها والثقيلة فإيران تطور من قدراتها ودول المنطقة تشتري من هنا وهناك والمخازن تمتلئ بها والغريب أن دول المنطقة لا تفكر في خوض أي حرب أو مواجهة بل على العكس تماما فإن كل ما تسعى إليه هو تهدئة الأوضاع والوصول إلى حل سلمي في أي خلاف أو نزاع بين دول المنطقة.
على الرغم من أن المنطقة تمر بظرف تاريخي دقيق جدا وتحتاج إلى كل جهد للمحافظة على سكون الوضع حتى لا ينفجر نلاحظ أن إيران تدخل في مواجهات مباشرة مع العالم من خلال الإعلان عن برنامجها النووي الذي أحيل إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار بشأنه وبالتالي صار مصير إيران بيد مجلس الأمن وقبل أن تنتهي مدة الشهر التي حصلت عليها للالتزام بقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف كل أنواع الأنشطة النووية الحساسة.. وقبل أن تنتهي مهلة الشهر تأتي إيران لتستعرض قدراتها العسكرية في مياه الخليج العربي وذلك في رسالة واضحة للولايات المتحدة أولا وللعالم ثانيا لتؤكد أنها لن تتردد في استخدام أسلحتها ضد من يعتدي عليها.
إيران حصدت من الحرب على أفغانستان في عام 2001 جائزة الإطاحة بنظام "طالبان".. وفي عام 2003 حصدت الجائزة الكبرى في الحرب على العراق من خلال الإطاحة بعدوها اللدود الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي قضى على أحلام امتداد الثورة.. وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على هذه الحرب الأخيرة إلا أن من الواضح أن إيران غير مقتنعة بما استفادته من هذه الحرب وربما تشعر بأن هناك مجالاً لتحقيق مكاسب أكبر بسبب التورط الأميركي في هذه الحرب والفوضى التي يشهدها العراق من الداخل فضلا عن رفض الدول العربية أن يكون لها موقف واضح مما يحدث في العراق.. وواضح أن ما يحدث بين الأميركيين والإيرانيين على الساحة العراقية يعطي انطباعاً واحداً وهو أن هناك "صفقة ما" حول العراق مقابل "حل ما" للملف النووي الإيراني.
يبدو جليا أن إيران صارت تستخدم تكتيك "الفرصة السانحة" وبالتالي فإنها ترى أن هذا الظرف هو الأفضل منذ سنوات لانتزاع بعض الامتيازات في المنطقة وخصوصا بعد أن أصبح العراق خارج ميزان القوى الرئيسية فيها.. فالفرصة سانحة –كما تراها إيران- كي تستفيد وتصبح القوة الأولى إقليمياً وتكون لها كلمتها فيما يحدث وبصمتها على كل قرار يخصها أو لا يخصها.. لذا فإننا نراها تعمل على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والدبلوماسية بل وحتى الدينية لتعزز مكانتها إقليمياً.
إننا نمر بمرحلة قابلة للانفجار في أية لحظة ويجب أن تتحمل جميع الأطراف في المنطقة مسؤوليتها ولا تكون سببا في توريط دول المنطقة في نزاعات قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى في المنطقة... كما أنه ليس من مصلحة إيران أن تدير وجهها لجيرانها العرب في الطرف الآخر من الخليج العربي وعليها أن تدرك تماما أن قلق دول الجوار حقيقي وغير مفتعل ونابع من المسؤولية التي تتحملها كل دولة تجاه شعبها والمقيمين فيها لذا فمن المهم أن تكون إيران حريصة على المصلحة العامة لجميع دول المنطقة وألا تستمر في السير في الطريق بمفردها ثم تدعي أن أحداً لم يشاركها في الطريق الذي اختارته.
المسؤولون الإيرانيون كانوا واضحين في تصريحاتهم حول المناورات التي أطلقوا عليها "مناورات الرسول الأعظم" التي ما تزال مستمرة في مياه الخليج العربي وقالوا إنها رد على الولايات المتحدة وتحذير للعالم بعد أن تم نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.. وهي تهديد مباشر أو غير مباشر لكل من يفكر الاقتراب من إيران أو تنفيذ التهديدات بضربها.. فكيف يتصرف العالم مع هذا التصعيد الجديد من قبل إيران؟!
هذه ليست أول مرة تستخدم فيها إيران "استعراض القوة" لإيصال رسالة ما إلى أطراف خارجية.. وقد تكون في المرات السابقة التي استخدمت فيها إيران هذا الأسلوب نجحت في الاستفادة منه ولكنني لست واثقاً هذه المرة من أن هذا الأسلوب يمكن أن يؤدي إلى نتيجة مؤثرة كما كان يحدث دائماً في السابق.. ولا يستبعد أن يكون كل تلك المناورات والدعاية الكبيرة حول الصواريخ السريعة والخفية التي أعلنت عنها إيران مجرد زوبع