قدمت إلى أميركا لأول مرة منذ ثمان وثلاثين سنة خلت. حينها لم أكن أملك شيئا سوى حلمي. كان لي أصدقاء معدودين، وقدر بسيط من المال، وإنجليزيتي لم تكن جيدة. إلا أنني كنت مقتنعا بأمر واحد، وهو أنني جئت إلى أرض حيث الآفاق رحبة والأحلام قابلة للتحقق. واليوم، وبعد نحو أربعين سنة على ذلك، تحقق الحلم الذي كان يراودني. وبالتالي فلدي تصور فريد بخصوص النقاش حول الهجرة وبحكم تجربتي الخاصة. وأنا هنا لست بصدد الحديث حول موضوع أتطفل عليه، بل أنا نفسي مهاجر.
تجمعت مؤخرا حشود كبيرة من الناس في كاليفورنيا مُرددة "آكي إيستاموس" (وتعني "نحن هنا" بالإسبانية). وأنا هنا أود أن أقول لكل واحد ممن شاركوا في تلك المظاهرة: أجل، نحن هنا. وعلينا أن نتساءل: إلى أين نحن ذاهبون؟
وفي هذا الوقت الذي فتحت فيه بلادنا نقاشا وطنيا حول الهجرة، أقترح أن نخفض أصواتنا ونرفع نظرنا قليلا. إننا في حاجة إلى نقاش ينتقد الموضوع ولا ينتقد أفرادا، كما أننا في حاجة إلى قانون شامل جديد يحترم المهاجرين ويحمي بلادنا. وبصراحة، فقد ركز النقاش الذي دار في الكونغرس كثيراً على السياسة، ولم يركز على المبادئ إلا قليلاً. لقد تحدثت حول أهمية وضع سياسة هجرة شاملة منذ أن رشحت نفسي لأول مرة لمنصب حاكم كاليفورنيا. وأعتقد شخصيا أنه قد حان الأوان للقيام بذلك اليوم.
أما هدفنا فينبغي أن يكون سن سياسة تعكس شعارنا الوطني: "إي بلوريبوس أونوم" (وتعني باللاتينية "واحد من بين المزيد"). وفي ما يلي مبادئ الهجرة الأساسية التي طالما أنارت طريقي، والتي أعتقد أنه ينبغي أن تنير طريق الكونغرس أيضاً.
أولا: موضوع الهجرة يهم أمننا. ولذلك فمن أهم واجبات الحكومة الفيدرالية حماية حدودنا، ويجب على واشنطن القيام بواجبها في هذا الباب على نحو أفضل. وقد أدركنا في الحادي عشر من سبتمبر أن ليس كل من يعبر حدودنا يرغب في أن يقتسم معنا الحلم الأميركي، إذ ثمة من يريد تحويله إلى كابوس. وبالتالي فإذا لم نكن نعرف الأشخاص الذين يعبرون حدودنا، فلن نعرف ما قد يقدمون عليه. والأكيد أن ذلك يمثل خطراً لا يمكننا التساهل بشأنه في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر. وبالتالي فعلى الكونغرس أن يعزز حدودنا ويقويها.
ولذلك، وبوصفي حاكم كاليفورنيا، ساندت تشريعاً يهدف إلى وضع حد للتجارة في البشر والكف عن إصدار رخص قيادة السيارات لغير المقيمين الشرعيين. فبإخراج الناس من مناطق الظل إلى النور، نكون قد ساعدنا المهاجرين وساعدنا أميركا.
أما أن نجرم المهاجرين لقدومهم إلى هنا، فذاك شعارٌ وليس حلا. وبدلا من ذلك، أناشد الكونغرس أن يتعامل بحزم وصرامة مع المهاجرين غير الشرعيين الذين يشكلون خطراً على المجتمع. ففي حال ارتكب مهاجر غير شرعي جريمة كبيرة مثلا، عليه أن يغادر البلاد– جريمة واحدة ويغادر. وعليه لا ينبغي التماس الأعذار أو التأخر في إجراءات الترحيل.
ثانيا: موضوع الهجرة يهم اقتصادنا. فالبلد الأكثر حرية في العالم والاقتصاد الأكثر حرية في العالم يعتمدان بشكل كبير على التدفق الحر للأشخاص. ولذلك فالمهاجرون قدموا إلى هنا للعمل والمساهمة. وأنا أؤيد الجهود الرامية إلى ضمان أن تتوفر شركاتنا على العمال الذين تحتاجهم وأن تتم معاملة المهاجرين بالاحترام الذي يليق بهم. كما علينا أن نضع برنامجاً خاصاً بالعمال المؤقتين، وهو ما سيسمح بالاحتفاظ بمعلومات عن كل شخص تطأ قدماه بلادنا.
والحقيقة أنه يمكننا أن نحتضن المهاجر من دون أن نشجع الهجرة غير الشرعية. أما أن نمنح الأشخاص المقيمين هنا بطريقة غير شرعية الجنسية الأميركية، فذلك لا يُعتبر عفوا، وإنما فوضى. صحيح أننا بلد مهاجرين، ولكننا بلد قوانين كذلك. وبالتالي فالأشخاص الذين يرغبون في أن يصبحوا مواطنين أميركيين، عليهم أن يسعوا إلى ذلك بالطريقة الصحيحة.
ثالثا: وأخيراً، موضوع الهجرة يهم قيمنا. إذ كثيرا ما يدور النقاش حول ما يدين به المهاجرون تجاهنا، ولكن قليلاً جداً ما نتساءل حول ما ندين به نحن تجاههم. والأهم في اعتقادي هو أننا مدينون لبلادنا والمهاجرين على الاشتراك في قيمنا. ولذلك علينا أن نتحدث حول تاريخنا ومؤسساتنا ومعتقداتنا، كما علينا أن ندمج المهاجرين ضمن الاتجاه السائد والغالب، فنحن لا نريد من المهاجرين أن يعيشوا في أميركا، ولكننا نريدهم أن يعيشوا كأميركيين.
ولعل أفضل مثال في هذا السياق هو العريف أو. جي. سانتا ماريا من قوات المارينز، فهو مهاجر كان يقطن في دالي سيتي بكاليفورنيا قبل أن يلتحق بقوات المارينز. أصيب بجروح بليغة في حرب العراق. ونظرا لأدائه الخدمة العسكرية، مُنح الجنسية الأميركية. وعندما طُلب منه أداء القسم، نهض من كرسيه المتحرك بجهد وعناء كبيرين وعيناه تدمعان. ولما سُئل عن سبب وقوفه: أجاب قائلا "احتراما وإجلالا لدستور الولايات المتحدة الأميركية".
لقد سعى العريف "سانتا ماريا" إلى أن يصبح أميركيا، وعلينا أن نكون سعداء لأنه أصبح واحداً منا، فنحن شعب أفضل اليوم بانضمام هذا الجندي المهاجر إلينا. فكما أن