شارك نحو مليون شخص معظمهم من المهاجرين الناطقين باللغة الإسبانية في تظاهرة في لوس أنجلوس- كاليفورنيا، في الأسبوع الماضي، احتجاجاً على إصلاح قوانين الهجرة في الولايات المتحدة، وطالب المتظاهرون بعفو عن جميع المهاجرين السريين واحتجوا على مشروع قانون لإصلاح قوانين الهجرة وصفوه بأنه "عنصري".
الرئيس الأميركي جورج بوش يؤيد إدراج تأشيرة عمل مؤقتة للمهاجر في إطار تشريع موسع يدعم أيضاً إجراءات أمن الحدود، وأكد الرئيس أن تأمين الحدود يشكل أولوية رئيسة... لكنه استشهد بتاريخ الولايات المتحدة كبلد للمهاجرين يحث على نهج متوازن... لكن بعض الجمهوريين يرون أن خطة العامل الضيف تقدم عفواً من باب خلفي للمهاجرين غير الشرعيين ويفضلون نهجاً يركز فقط على تشديد أمن الحدود ومكافحة الهجرة غير المشروعة. وبالرغم من أن خطة العامل الضيف ستتيح لحوالى 12 مليون مهاجر غير شرعي فرصة لتسجيل أنفسهم والعمل بالولايات المتحدة لفترة تصل إلى ست سنوات، فإن بوش يرفض أي وصف لها بأنها خطة للعفو.
يأتي هذا الجدل في الولايات المتحدة إثر اقتراح الرئيس بوش بإنشاء سياج أمني على طول الحدود مع المكسيك، وأيد مجلس النواب الأميركي بناء سياج حدودي واستخدام قوات الجيش والشرطة لوقف تدفق المهاجرين غير القانونيين، وإقرار ضوابط توظيف أشد صرامة.
لماذا اقترح الرئيس بوش القانون الجديد للهجرة؟ بوش يرى أن المقترح سوف يحسن وضع العمالة غير الشرعية، قائلاً إن الملايين ممن يؤدون أعمالاً شاقة يعيشون في حالة من الخوف وانعدام الأمن. وأن سياسة هجرة أكثر رشداً وأكثر إنسانية ستجعل الأميركيين أكثر أمناً نظراً لأن السلطات ستعرف من الذين يعبرون الحدود الأميركية للعمل.
بعض المراقبين السياسيين يؤكدون أن بوش يهدف من هذه الخطوة إلى كسب أصوات المهاجرين القادمين من دول أميركا اللاتينية، الذين يشكلون في الوقت الحالي ثاني أكبر مجموعة عرقية في الولايات المتحدة في الانتخابات القادمة.
هذه الإجراءات تلقى معارضة من أعضاء الحزب الديمقراطي، فالنائب الديمقراطي بوب مانديز من ولاية نيوجيرسي علق على القانون بالقول، إن بوش يريد من هؤلاء العمال جهدهم وعرقهم، لكنه لا يريد أن يكونوا أميركيين. أما مرشح الرئاسة عن الحزب الديمقراطي جوزيف ليبرمان فقد قال إن البرنامج الذي يقترحه بوش يكافئ أصحاب الأعمال على حساب العمال بتقديم مصدر دائم للعمالة المؤقتة التي يمكن استغلالها بسهولة. المتشددون من الحزب الجمهوري يختلفون مع الرئيس ويطالبون بأن لا يسمح بتقنين وضع العمال غير الشرعيين بل عليهم العودة إلى بلادهم والتقدم بطلب الحصول على تصريح عامل زائر إذا أرادوا العمل في أميركا.
رئيس الغرفة التجارية الأميركية توماس دونوهيو صرح قائلاً: "لدينا عشرة ملايين عامل من المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة وإذا عاد هؤلاء إلى وطنهم سيتعين علينا إغلاق البلد".
الجدل الدائر حول الهجرة بدأ في دول الاتحاد الأوروبي حيث بدأت الكثير من دول الاتحاد تعيد النظر في قوانين الهجرة لاستقطاب الكفاءات العلمية والفنية، من حملة التخصصات النادرة، ولتقوية اقتصادها، وهي في خضم المنافسة الدولية في عصر الانفتاح الاقتصادي والعولمة.
وأخيراً ماذا عن دول الخليج العربية التي تعاني معاناة حقيقية من تدفق العمالة الأجنبية على بلدانها، حيث أصبح المواطنون أقلية في بلدانهم وأصبح الاعتماد على العمالة الأجنبية ظاهرة لا يمكن الاستغناء عنها في بلدان الخليج؟ ورغم كل المحاولات والدراسات العلمية الداعية إلى تخفيف وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، إلا أن الحقيقة تبقى وهي استمرار تدفق هذه العمالة على دول الخليج بدون وضع سياسات واضحة ومعروفة حول كيفية التعامل مع الآلاف بل الملايين من البشر الذين أصبحوا يشكلون الأغلبية في معظم بلدان الخليج.
ويبدو من واقع الحال العام، أنه لن يكون هنالك جدل وحوار عقلاني حول مستقبل العمالة الأجنبية في الخليج.