هل تستطيع لائحة توجيه سلوك الطلاب في المجتمع المدرسي الجديدة، التي جاءت على خلفية حادثة اعتداء أحد طلاب الثانوية العامة على مدرسه بآلة حادة، هل تستطيع هذه اللائحة توفير حماية حقيقية لكل معلم من أي اعتداء محتمل عليه، ولو باللفظ، خاصة بعد أن شاعت ظاهرة الاعتداء على المدرسين، وصرنا نسمع ونشاهد صوراً لهذا النوع من الاعتداء بشكل شبه يومي؟! وهل ستغرس هذه اللائحة التي أبرزتها إحدى الصحف المحلية "أدب" تعامل الطالب مع مدرسه بالطريقة التي تحفظ مكانته واحترامه وستعيد له اعتباره الذي فقده نتيجة لتراكم تجاوزات الطلاب على مدرسيهم؟! وهل ستقف هذه اللائحة إلى جوار المدرس بعد كل الإهانات التي تعرّض لها إلى أن جاءت حادثة السكين الشهيرة -وكأننا كنا ننتظرها- لتعلن بعدها وزارة التربية والتعليم موقفها تجاه تلك التجاوزات، خاصة أن هناك تحفّظات من مدرسين على مواد اللائحة من أنها لم تنصفهم بعد، أم أن هذه اللائحة ستضعنا أمام تطور جديد في قضية تعامل الطالب مع مدرسه وأمام مشاكل جديدة ستظهر مستقبلا وستتعدّى حدود المدرسة لتشمل المجتمع؟!
اللائحة تشمل الكثير من البنود التي تهدف إلى تقويم سلوكيات الطلاب في المدرسة بهدف توفير البيئة التعليمية الصالحة، ورغم أن اللائحة حاولت أن ترد للمدرّس مكانته عن طريق صلاحية فصل الطالب من المدرسة، وذلك في حالة اعتداء الطالب على مدرسه، فإن حصر قرار الفصل على طلبة الثانوية العامة فقط دون المراحل الدراسية الأخرى، ربما يشير إلى أن التجاوزات تصدر من هذه المرحلة الدراسية فقط، ما يشير بوضوح إلى أثر الحادث الأخير ويكشف عن أن الأمور تعالج وفق سياسة ردّ الفعل. وإذا تذكرنا أن هدف هذه اللائحة هو التصدي للكثير من الظواهر الدخيلة على مجتمع المدرسة ومنها ظاهرة الاعتداء على المدرّسين، فإن الأمر لابدّ أن يسبق مرحلة ما قبل الثانوية باعتبار أن هذا الطالب في هذا العمر ربما يكون قد تجاوز مرحلة السيطرة وضبطه سلوكيا وبالتالي فالتوجيه بالنسبة إليه غير مؤثر، وهو يدفعنا إلى طرح فكرة التشدّد التدريجي في العقوبة بدءا بطلبة الإعدادية كون الردع هو تربية وتعوّد ويحتاج إلى مراحل أقل من الثانوية وأن الطالب في هذه المرحلة لديه استعداد نفسي لتقبّل التوجيهات من مدرّسه وهذا يسهم في ضبط سلوكيات الطالب عندما يصل إلى المرحلة الثانوية.
قرار الفصل وحده لن يحل المشكلة ولن يقضي على ظاهرة الاعتداء على المدرّس، لذا فالتدرج في التوجيه لسلوكيات الطلبة وليس العقاب وحده يكون أفضل كلما كان مبكرا، كما أن البحث في البدائل العقابية قبل الوصول إلى الفصل يجب التركيز عليه واعتبار أنه آخر الحل أو كما يقال "آخر العلاج الكي".
يبدو أننا نحتاج بالفعل إلى صيغة عقوبات ذكية متدرّجة تأخذ بمنطق العصا والجزرة أي الثواب والعقاب وتراعي الأصول والقواعد التربوية وتعزز مكانة المدرس ولا تسهم في دفع الطلاب الخارجين على النظام إلى الشارع لينبذهم المجتمع وربما يتحوّلون إلى محترفي إجرام في حال أغلقت باقي الأبواب في وجوههم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية