مع دخول الجهود الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني إلى النفق المسدود صرح دبلوماسيون غربيون بأن إيران ماضية قدماً في برنامجها على نحو أسرع مما كان متوقعاً، ولم يعد يفصلها عن تخصيب اليورانيوم سوى خطوات معدودة. ويضيف الدبلوماسيون أنه إذا لم يواجه المهندسون الإيرانيون أية عراقيل تقنية، فإن طهران ستتمكن من تصنيع ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية خلال الثلاث سنوات المقبلة وذلك بوتيرة أسرع بكثير مما أوردته التقديرات السابقة التي حددت المدة الزمنية لامتلاك إيران للسلاح النووي في عشر سنوات. وبالطبع تنفي إيران ذلك وتصر على أن برنامجها النووي إنما هو موجه إلى إنتاج الطاقة الكهربائية ما يتطلب تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة. وقد رشحت هذه التقديرات الجديدة حول البرنامج النووي الإيراني عبر ممثلي الدول في مجلس الأمن الذين أطلعهم كبار المسؤولين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آخر التطورات استناداً إلى تقارير مراقبيها في إيران.
ومع أن إيران ماضية في برنامجها، مازالت تواجه الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إقناعها بوقف نشاطها النووي تعثراً كبيراً بسبب جو عدم الثقة السائد بين أعضاء مجلس الأمن، فضلاً عن الاختلافات حول أنجع الاستراتيجيات لتحقيق ذلك. وفي هذا الصدد صرح أحد الدبلوماسيين من فيينا أن هناك "إشارات متباينة ترد من الولايات المتحدة، وهي الآن عازمة فيما يبدو على تصعيد الموقف الشيء الذي تعتبره روسيا منزلقاً خطيراً". وعن مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني يقول الخبراء إن طهران أصبحت قريبة جداً من تزويد آلات الطرد المركزي بغاز اليورانيوم، ما يشكل الخطوة الأولى التي تسبق عملية التخصيب. وحسب أحد المسؤولين غير الغربيين الذي يتابع عن كثب البرنامج الإيراني، فإنه من المرجح أن يشرع المهندسون الإيرانيون خلال الأيام القليلة المقبلة في محطة "ناتانز" بإجراء اختبارات مهمة على آلات الطرد المركزي، والتأكد من أن الأنابيب موصولة بإحكام ومغلقة بالشكل المطلوب الذي يمنع تسرب الهواء. ومن المتوقع أن يبدأ الإيرانيون بتزويد أجهزة الطرد المركزي البالغ عددها 164 بغاز اليورانيوم.
ويؤكد الدبلوماسيون كما الخبراء أن إيران تجاوزت مرحلة إجراء الاختبارات على أجهزة طرد مركزي انفرادية لتحاول تجميع العديد منها في أقرب وأسرع وقت ممكنين. ويضيف الخبراء أنه من المرجح قيام إيران في أواسط شهر أبريل المقبل بتجميع أعداد إضافية من أجهزة الطرد المركزي في محطة "ناتانز" التي بإمكانها استيعاب أعداد كبيرة منها قد تصل إلى ست مجموعات تضم كل واحدة منها 164 جهاز طرد مركزياً. ومن جهتها تعتقد الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن إيران تعتزم إنتاج السلاح النووي، وعلى المجتمع الدولي إيقافها قبل التمكن من تخصيب اليورانيوم. وينظر الغرب إلى امتلاك طهران القدرة على تشغيل سلسلة من أجهزة الطرد المركزي على أنها تحول تكنولوجي خطير. "إمير جونز باري"، الموفد البريطاني لدى الأمم المتحدة يوضح هذا الأمر قائلاً: "إذا استطاعت إيران تشغيل جهاز طرد مركزي واحد فإنها تستطيع تشغيل 164، بمعنى أنه بإمكانها تشغيل أعداد أخرى من تلك الأجهزة ممهدة الطريق لتخصيب اليورانيوم. كما أنها إذا خصبت اليورانيوم بدرجة 7%، فإنها تستطيع تخصيبه بدرجة 80% أيضا ما يعني قدرتها على صناعة القنبلة النووية".
ويُجري صانعو القرار في الغرب الذين يراقبون البرنامج النووي الإيراني تقييمين منفصلين للبرنامج يعتمد الأول على الجوانب التقنية مثل مقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، أما الثاني، فهو سياسي يقيم ما إذا كانت طهران تسعى إلى امتلاك القنبلة الذرية أم أنها تحاول تخصيب اليورانيوم بدرجات منخفضة لأغراض مدنية كما يزعم المسؤولون الإيرانيون. يشار إلى أن الإطار الزمني الذي حدده الدبلوماسيون الغربيون المتمثل في ثلاث سنوات لامتلاك إيران السلاح النووي هو نفس ما أكده مفتش الأسلحة النووية الأسبق "ديفيد أولبرايت"؛ ففي ورقة نشرها يوم أمس الاثنين معهد العلوم والأمن الدولي الذي أسسه "أولبرايت"، يصف فيها مجموعة من الخبراء كيف أن إيران تستطيع في أفضل الظروف تخصيب اليورانيوم لصنع سلاح نووي في غضون ثلاث سنوات. لكن "أولبرايت" حذر أيضاً من أن طهران تواجه صعوبات تقنية قد تعرقل عملية التخصيب، وبالتالي تؤخر وصولها إلى السلاح النووي. ويساند هذا الطرح "جاري سامور"، الخبير السابق في عدم الانتشار النووي الذي يؤكد أن إيران ستواجه على الأرجح بعض المشاكل التقنية ما قد يجعلها تستغرق من أربع إلى خمس سنوات قبل الوصول إلى قنبلتها الأولى.
وفي حال قررت إيران مواصلة تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية فسيكون عليها إما تخصيبه على نحو سري، أو أن تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تحظر على الدول الموقعة عليها تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية. يذكر أن مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبلغ مجلس الأمن بالملف النووي الإيراني بعدما امت