لم تعد المنطقة العربية حقل تجارب لرؤى الإصلاح الأميركية، خاصة وأن المشهد العراقي، لا ينمُّ أن هذه الرؤى ستجلب الخير للمنطقة. البعض راح يروج لدعوات التغيير والدمقرطة، انطلاقاً، من تصور مفاده أن الوقت قد حان، لكسر حواجز سياسية قديمة، أو تجاوز العقبات القديمة التي تحول دون إصلاح سياسي حقيقي، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فالعراق الديمقراطي الحر، الذي روجت له الإدارة الأميركية، تحول إلى ساحة للفوضى، ومرتع للعمليات الإرهابية، وباتت الحرب الأهلية هي السيناريو الأرجح، بينما اختزلت العملية الديمقراطية في انتخابات، مرتبطة بجداول زمنية. المشهد العراقي الآن يضرب دعاوى الإصلاح الأميركية في مقتل، والأخطر من هذا أن الدعوة لإسقاط الأنظمة والتسرع في شن حروب استباقية، دون إدراك جيد لخصوصية دول المنطقة وتاريخها وثقافتها، لن تسفر سوى عن نتائج عكسية. الآن نجد من رحبوا بالتدخل الأميركي في المنطقة استناداً إلى أن التحول الديمقراطي واقع لا محالة، يراجعون مواقفهم، بناء على الواقع العراقي، الذي أصبح فزاعة حقيقية لكل من يحاول نشر الديمقراطية دون تخطيط أو دون احترام للشرعية الدولية.
فادي موسى- الشارقة