في الأسبوع الماضي أعطى السيناتور "راسل فاينجولد" العضو "الديمقراطي" من ولاية "ويسكونسن" حزبه فرصه لتحدي "الجمهوريين" في موضوع مبدئي. بيد أن معظم زملائه بدوا وكأنهم راغبون في تفويت تلك الفرصة.
منذ ثلاثة أسابيع انشغل بعض "الديمقراطيين"، مستغلين جو الخوف العام وعدم الأمان السائد، في معارضة غير مبررة لتولي شركة "دبي للموانئ" لإدارة ستة موانئ أميركية. لقد وجد "الديمقراطيون" فرصة لتحدي الرئيس في موضوعه المفضل –الأمن القومي- وكانوا مصممين على الاستثمار في هذا الاتجاه. وكان السجال الذي تبع ذلك مزيجاً من الخطب اللامسؤولة والخلط بين دور إدارة الموانئ وتأمينها.
على أي حال، وعلى ضوء سيطرة حزبهم على مجلسي النواب والشيوخ وخشيتهم من أن يؤدي هذا الخوف المرضي من الأجانب إلى التأثير على فرصهم في انتخابات نوفمبر القادم، تحرك "الجمهوريون" بسرعة للسيطرة على هذا الموضوع. وقام بعض الزعماء "الديمقراطيين" في مجلسي الكونجرس بتقديم مشروع تشريع للحيلولة دون استحواذ الشركة على إدارة الموانئ ونجحوا في مسعاهم.
ومع استمرار تداعيات حرب العراق، وانخفاض معدل تأييد سياسات بوش كانت الأمور تشير إلى أن هناك تحدياً مباشراً للرئيس الأميركي على الطريق. ولم يتأخر هذا التحدي طويلاً حيث قام السيناتور "راسل فاينجولد" وهو من المنتقدين الشرسين للطريقة التي تدير بها إدارة بوش حربها ضد الإرهاب، بالتقدم إلى منصة مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي لتقديم اقتراح باستصدار قرار بتوبيخ الرئيس بوش. قال" فاينجولد" في كلمته العنيفة: "إن الرئيس قد أصدر تفويضاً لتنفيذ برنامج غير قانوني للتجسس على المواطنين الأميركيين في الأراضي الأميركية، ثم قام بتضليل الكونجرس حول هذا البرنامج ومدى مشروعيته وأنه من واجب هذا المجلس أن يعيد تأكيد حكم القانون بإدانة أفعال الرئيس". اهتم "الجمهوريون" باقتراح "فاينجولد" بينما التزم "الديمقراطيون" الصمت، أو نأوا بأنفسهم عن المجهود الذي يقوم به.
وخلال يومين أرسل "الجمهوريون" صورة من مقالة افتتاحية عن المحاولة التي يقوم بها "الديمقراطيون" لتوبيخ الرئيس بوش إلى 15 مليونا من "الجمهوريين"، لتحذير المخلصين للحزب مما قد يقوم به "الديمقراطيون" إذا ما سيطروا على أي من مجلسي الكونجرس خلال الانتخابات التشريعية القادمة بالإضافة إلى توفير حافز لبدء حملة جمع الأموال اللازمة لتمويل الانتخابات. من ناحية أخرى بدا "الديمقراطيون" وكأنه قد أصابهم الشلل حيث لا يوجد لديهم إجماع أو توافق على الموضوع، كما لم يحزموا أمرهم بعد على القضية التي ستحتل قائمة اهتماماتهم في انتخابات 2006.
ولذلك فإنهم في الوقت الذي قد يبدون فيه على استعداد لاستفزاز "الجمهوريين" بشأن موضوع إدارة الموانئ الأميركية، فإنهم لا يستطيعون معارضة إجراءات التجسس التي تقوم بها وكالة الأمن الوطني حتى لا يتهموا بالتخاذل فيما يتعلق بالأمن الوطني.
وفي حين يتهم "الديمقراطيون" السيناتور "فاينجولد" بعدم التشاور معهم قبل تقديم اقتراحه يشير هو إلى الفرص التي ضيعها "الديمقراطيون" بسبب تباطئهم في الماضي، وإلى أن قادة الحزب يقودون حزبهم إلى تكرار الإخفاق نفسه الذي مني به في الانتخابات الماضية. والظاهر أمامنا أن "السيناتور" قد قرر أن يمضي في قراره بعيداً عن الحزب، حتى لا يقوم الأخير بتعويقه. لقد كان الرجل جريئاً، واستطاع إدراك أن القاعدة الجماهيرية للحزب تتطلع إلى قيادة تنطلق من المبادئ، وإلى تحدٍّ لإدارة بوش يقوم على أشياء جوهرية وليس عرضية.
إن اقتراحه بتوبيخ بوش قد لا يرى النور ذات يوم. ولكن ما فعله "فاينجولد" هو تذكير للأميركيين بأن هناك موضوعات حقيقية قد غدت موضع رهان في الحرب على الإرهاب، وأن كل ما يتطلبه الأمر منا كي نقوم بإثارتها هو الالتزام بالمبادئ، وأن تتوافر القيادة المستعدة لتحمل المخاطر.