أميركا والهند... الصين وباكستان: هل بدأ سباق تحالفات القرن؟


من أبرز القضايا الدولية التي طرقتها الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع يأتي ظهور بداية تحالفات القرن، في آسيا، وتشكيل مجلس حقوق الإنسان الأممي، وآخر تطورات الشأن الفلسطيني، وفيما يلي جولة سريعة في هذه الملفات الثلاثة.


حلفان جديدان


في صحيفة لوفيغارو جاء عنوان المقال التحليلي الأسبوعي للكاتب ألكسندر أدلر: "الصين- باكستان: حلف الحديد"، مبرزاً ما اعتبره ظهور بداية اصطفاف استراتيجي بالغ الأهمية في القارة الآسيوية، بحيث يتحول التحالف غير المعلن بين إسلام أباد وبكين، في وجه نيودلهي، إلى تحالف مُعلن، وموجه أيضاً، خاصة من خلال المضمر في نفوس القادة الصينيين، ضد واشنطن تحديداً. وإذا كان البلدان منخرطين منذ زمن بعيد في علاقات تعاون واسعة، فإن لهاث واشنطن الأخير تجاه نيودلهي دق أجراس الإنذار لدى الباكستانيين عن احتمال تضحية أميركية بالتحالف معهم تحت إغراء جاذبية العملاق الهندي، خصمهم التقليدي. كما دق في الوقت نفسه أجراس إنذار أخرى، لدى الصينيين، بأن الرسالة موجهة إليهم هم بالذات، وأن من يراد احتواؤه بالعملاق الهندي هو الصين، تحديداً. فلماذا لا يتحالف الطرفان المتضرران إذن؟ أما الكيفية التي سيعبر بها هذا الحلف الجديد عن اصطفافه فقد بدأت بوادرها تتضح، من خلال مد الصين لباكستان بقاذفات فضلوها على "أف 16"، الأميركية، رغم إبلاغ واشنطن لهم رفع الحظر عن بيعها لهم. كما أن فتح المجال أمام الصين لتوسيع ميناء جوادار الباكستاني، يعد خدمة جليلة تفتح أمامها فرص المناورة الاستراتيجية للتخلص من عملية الخنق النفطية التي تسعى واشنطن لفرضها عليها، تدريجياً. هذا إضافة إلى استفادة كل طرف من الآخر، في ملفي التبت وكشمير، وهما قضيتان، تعد الهند، خصما للطرفين فيهما، كلاً على حدة. أما عن الحلف الأميركي- الهندي المقابل، فقد تولى تحليل أبعاده، في نفس العدد من لوفيغارو، الخبير في الشؤون الهندية، جي سورمان، وجاء مقاله بعنوان: "الولايات المتحدة- الهند: تحالف القرن"، وقد شبه بدايةً زيارة الرئيس بوش الأخيرة للهند بزيارة نيكسون للصين سنة 1972. فمثلما أن نيكسون فتح أبواب الغرب في وجه الصين، للالتفاف بالعلاقة معها على موسكو، فإن بوش أيضاً يسعى إلى تدارك التجاهل الطويل الذي خص الغرب به العملاق الهندي. وقد مهدت واشنطن لظهور هذا الحلف بتهدئة الأجواء في شبه القارة، لكي تضع يدها تدريجياً في يد "أكبر ديمقراطية في العالم". فالهند الديمقراطية هي الأقرب إلى قيم الغرب، وهي سوق هائل وواعد، وقوة نووية عظمى، وتضم ربع سكان البشرية، وهي أيضاً متميزة بتنوع ديني وعرقي، ومن حيث عدد المسلمين، هي الثانية في العالم، والإسلام المعتدل هو السائد فيها، فلماذا لا تتحالف معها واشنطن والعواصم الغربية في وجه الصين، استعداداً لصراعات القرن الجديد؟


مولد "مجلس حقوق الإنسان"


صحيفة لوموند خصصت افتتاحيتها ليوم الجمعة لهذا الموضوع مبرزة أن انتهاء دور "لجنة حقوق الإنسان" التابعة للأمم المتحدة وظهور "مجلس حقوق الإنسان" الجديد، ليس فقط مجرد تغيير في الإسم، بل سيكون أيضاً بداية لتغيير في الدور وفي آليات العمل كذلك. فاللجنة السابقة كانت محل انتقاد واسع بأنها غير فاعلة إلى حد يسمح بأن تضم عضويتها دولاً معروفة بخروقاتها الواسعة لحقوق الإنسان، أما المجلس الجديد فآلية انتخاب الدول الأعضاء فيه، تشترط الحصول على الأغلبية المطلقة من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي هذه الحالة سيكون في مقدور المجلس إعادة فحص ملفات وسلوك الدول بشكل مستمر، وفصل من يثبت تعديه بشكل واضح على حقوق الإنسان. ولئن كانت الإدارة الأميركية عارضت قيام المجلس الجديد، مدعية أنه فرصة ضاعت فعلاً، لتصحيح مسار العمل الإنساني الدولي، وبالتالي صوتت مع دولتين فقط ضده، إلا أن هذا الموقف الأميركي يخفي في الحقيقة موقفاً عاماً من عدم الثقة في الأمم المتحدة، ويحمل أيضاً توجساً من أن يتحول المجلس