دعا رئيس ادعاء، بإحدى المدن التركية، المؤسسة العسكرية في بلاده إلى التحقيق مع جنرال كبير بشأن الادعاءات القائلة إنه قد حاول إنشاء قوة تضم متمردين بغرض تقويض محاولة تركيا للالتحاق بالاتحاد الأوروبي. كان هذا هو ما ورد في وسائل الإعلام التركية الاثنين الماضي. هذه الخطوة أدت إلى إشعال فتيل توترات جديدة بين الجيش التركي المفرط في علمانيته، وبين الحكومة التركية الإسلامية الجذور.
وقد التقى رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" الاثنين الماضي رئيس هيئة الأركان العامة في بلاده لمناقشة التهم التي وجهها رئيس الادعاء في مدينة "فان" الواقعة في جنوب البلاد، ضد الجنرال "يشار بيوكانت" رئيس القوات البرية التركية، واثنين آخرين من كبار الضباط.
وقد رفض كل من أردوغان ورئيس الأركان التركي "حلمي أوزكوك" التعليق على المباحثات التي جرت بينهما.
وقد نقل عن قائد القوات البرية "يشار بيوكانت" والمقرر أن يحل محل "أوزكوك" في منصبه كرئيس للأركان في شهر أغسطس القادم قوله إنه مستعد للمثول أمام محكمة. وفي هذا الإطار أدلى "بيوكانت" بتصريح لصحيفة "جمهوريت" العلمانية قال فيه: "إذا ما قدمت لمحكمة لهذا السبب، فإنني سأحضر إلى مقر المحكمة وأدافع عن نفسي".
وعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية تقول إنها تدعم طلب تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، فإن بعض الضباط يعارضون هذه الخطوة لأنهم يخشون أن تؤدي الإصلاحات المطلوب من تركيا القيام بها للحصول على موافقة أعضاء الاتحاد الأوروبي، إلى تقليص نفوذ القوات المسلحة في شؤون البلاد، وإلى تشجيع المشاعر الانفصالية في أوساط الأقلية الكردية المتململة في البلاد.
ففي وثيقة اتهام تتكون من 100 صفحة خاصة بثلاثة من الرجال المتهمين بشن هجوم بالقنابل العام الماضي، اتهم النائب العام "فرحات ساريكايا" الجنرال "بيوكانت" واثنين من رفاقه بإنشاء قوة هدفها تأجيج القلاقل بين الأكراد، على أمل تقويض محاولة تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي.
ووثيقة الاتهام، التي تم تسريبها إلى وسائل الإعلام التركية، تحتوي أيضاً على ادعاءات رجل صناعة كردي بارز يقول فيها إن بعض أعضاء القوات البرية التركية، قد تورطوا في محاولات ابتزاز أموال بطريق التهديد، وقتل ناشطين ورجال أعمال أكراد. وقد رفض مكتب المدعي العام التركي التعليق على ذلك.
وتأتي هذه الاتهامات على خلفية عملية التفجير التي جرت في نوفمبر الماضي لمكتبة يديرها كردي، وتقع في مدينة "سيمدينلي" المتاخمة للحدود العراقية. وعقب تلك العملية طفت شكوك على السطح مؤداها أن هناك عناصر "مارقة" في قوات الأمن كان لها ارتباط بالهجوم وذلك بعدما قام السكان المحليون بتعقب الجناة، وقبضوا على ثلاثة رجال يشتبه بأنهم هم الذين قاموا بزرع القنبلة.
وقد تم التعرف على الرجال الثلاثة، وتبين أن اثنين منهما ضباط صف في القوات المسلحة التركية، وأن الثالث متمرد تركي تحول فيما بعد للعمل كمخبر في خدمة الأمن، وأن الثلاثة كانوا يعملون في أنشطة استخباراتية.
وكما جاء في التقرير الذي ورد في صحيفة "صباح" اليومية، فإنه عندما تم إعداد وثيقة الاتهام ضد الرجال الثلاثة ورد اسم الجنرال "بيوكانت" كمتواطئ محتمل في الهجوم.
وكان "بيوكانت" قد أثار انتقادات عنيفة العام الماضي عندما اعترف بأن أحد المشتبه بتورطهم في العملية كان يعمل تحت خدمته ووصفة بأنه "شخص طيب" وجاء في وثيقة الاتهام، كما تشير التقارير أن "بيوكانت" قد اتهم بأنه يسعى إلى التأثير على القضاء من خلال إظهار تأييده للمتهم. ويمكن للمتهمين الثلاثة أن يواجهوا حكما بالسجن مدى الحياة إذا ثبتت عليهم تهمة الشروع في القتل والسعي إلى تخريب وحدة الدولة.
ويذكر أن المؤسسة العسكرية تأتي في استطلاعات الرأي التي يتم إجراؤها في تركيا على رأس قائمة المؤسسات الأكثر احتراما في البلاد، كما ينظر إليها أيضا على أنها حارسة للنظام العلماني الموالي للغرب الذي أحدثه مؤسس الجمهورية "مصطفى كمال أتاتورك". وعلى الرغم من أنه قد تم تقليم بعض سلطاتها تمشياً مع الإصلاحات المطلوبة من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإن المؤسسة العسكرية التركية لا زالت لها كلمة مؤثرة في تقرير مسائل السياستين الداخلية والخارجية.
ويذكر أن انتقاد المؤسسة العسكرية من التهم التي تستدعي العقاب في تركيا، وأن الاتهام الموجه للجنرال "بيوكانت" يعد الأول من نوعه الذي يوجه إلى رتبة عسكرية كبيرة، من جانب مدعٍ مدني يتهمه بالضلوع في أنشطة إجرامية. ومن المتوقع أن تقوم هيئة الأركان العامة بتقديم شكوى تتهم فيها رئيس الادعاء في مدينة "فان" بتجاوز حدود سلطاته.
ويذكر أن القانون التركي لا يجيز محاكمة أعضاء القوات المسلحة في محاكم مدنية وأنه يمكن لـ"بيوكانت" ورفاقه أن يواجهوا تهما فقط إذا ما قرر مدعٍ عسكري التصرف بناء على طلب من "فرحات ساريكايا".
مع ذلك أثنى الزعماء السياسيون الأكراد على تصرفات النائب العام "ساريكايا" ووصفوها بأنها تمثل خطوة كبيرة نحو تأكيد السي