بينما تقترب الحرب في العراق من سنتها الرابعة، يبدي عدد متزايد من الأميركيين آراءً سلبية حول الإسلام. فحسب استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست" و"إي بي سي نيوز"، تعتبر أغلبية الأميركيين اليوم أن المسلمين ميالون إلى العنف. استطلاع الرأي هذا كشف أيضا أن نحو نصف الأميركيين -46 في المئة- لديهم رأي سلبي حول الإسلام، وهو ما يمثل زيادة بسبع نقاط مئوية مقارنة مع الفترة المشحونة التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي شهدت تعرض بعض المسلمين لأعمال عنف.
ويأتي استطلاع الرأي المذكور في ظرف مشحون ودقيق لا تبدي فيه الحرب في العراق وأفغانستان ما يفيد بقرب انتهائها، فيما يسعى أعضاء الكونغرس إلى الوقوف في وجه محاولة إدارة الرئيس بوش السماح لشركة عربية بإدارة ستة من موانئ البلاد. هذا في وقت يطلع فيه الأميركيون على أخبار مظاهرات عنيفة احتجاجا على الرسوم الكاريكاتورية الدانمركية المسيئة للرسول محمد (عليه الصلاة والسلام).
وفي محاولة لتحليل هذه النتائج وتفسيرها، يرى عدد من الخبراء المحافظين والليبراليين أن مواقف الأميركيين إزاء الإسلام والمسلمين تتأثر كثيرا بالخطب السياسية وأخبار وسائل الإعلام التي تركز بشكل كبير وخاص على أعمال المتطرفين من المسلمين. وحسب استطلاع الرأي المذكور، فقد قفزت نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الإسلام يساعد على تأجيج أعمال العنف ضد غير المسلمين، منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، من 14 في المئة في يناير 2002 إلى 33 في المئة اليوم.
كما كشف استطلاع الرأي أن واحداً من أصل ثلاثة أميركيين سبق له أن سمع تعليقات تنم عن أفكار جاهزة عن المسلمين مؤخرا. وإلى ذلك، أفاد 43 في المئة من المستجوبين أنه سبق لهم أن سمعوا ملاحظات سلبية حول العرب، فيما اعترف واحد من أصل أربعة أميركيين بأن لديه أحكاما جاهزة تجاه المسلمين، وهي نفس النسبة التي أبدت نفورا شخصيا من العرب. ورغم عدم التمييز بين المجموعتين في الخطاب الشعبي، إلا أن أغلبية مسلمي العالم ليست من أصل عربي، وخير مثال على ذلك إندونيسيا التي تعد أكبر بلد إسلامي في العالم في حين أن مواطنيها ليسوا عرباً.
غاري ماكورد، البالغ 65 سنة، تعامل مع العديد من الأطفال من أصول عربية، وذلك بحكم مهنته كسائق حافلة مدرسية في شيكاغو. يقول ماكورد: "من بين أفضل العائلات التي تعاملت معها على الإطلاق كانت عائلات مسلمة"، مضيفا "لقد كانوا جد لطفاء معي". أما اليوم فيعمل عند عائلة فلسطينية مسيحية يقول عنها: "إنها رائعة فعلا". إلا أن مشاعره الجيدة لا تمتد إلى الإسلام، وتعليقا على هذا الموضوع يقول ماكورد: "لا أريد أن أبدو قاسيا إلا أنني لا أتفق مع ما يؤمن به المسلمون لأنني أعتقد أنهم يدعون للعنف". وبخصوص السجال الدائر حول الرسوم الكاريكاتورية، يرى ماكورد أن المسلمين شديدو الحساسية تجاه الدين.
أما فريدريك كول ، اللحام بمدينة روزفلت بولاية "يوتا"، فيقول: "بخصوص ما إذا كانت لدي أحكام جاهزة تجاههم، أقر بذلك. فإذا كنت في المطار مثلا ولمحت أحدهم، أتساءل "ما الذي يدور بذهنه يا ترى؟". ويضيف كول، البالغ 30 سنة: "لا أعتقد أن الدين قائم على الرغبة في ترهيب الناس".
في الفترة ما بين الثاني من مارس الجاري والخامس منه، تم استجواب ألف أميركي اختيروا بشكل اعتباطي في إطار استطلاع الرأي الذي أنجزته "واشنطن بوست" بتعاون مع "إي بي سي نيوز"، أما هامش الخطأ فقد حدد في ناقص أو زائد ثلاث نقاط مئوية. وحسب نتائج الاستطلاع، فقد اعتبر معظم الأميركيين الذين قالوا إنهم يفهمون الإسلام أن الإسلام دين مسالم ويستحق الاحترام بصفة عامة. إلا أنهم اعتبروا في نفس الوقت أنه يضم متطرفين قادرين على التسبب في الأذى، كما اعترف معظمهم بأن لديه أفكارا مسبقة تجاه المسلمين. يقول رون هاردي، وهو بائع قطع غيار السيارات في غادسدن بولاية ألاباما، إن العرب لديهم العديد من المتاجر في هذه المنطقة وإنهم "لا بأس بهم"، مضيفا أن الإسلام "قد تم اختطافه من قبل بعض الأشخاص".
وتعليقا على نتائج الاستطلاع، صرح جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي، بأنه لم يفاجأ بذلك، لأن السياسيين والمؤلفين والصحافيين ساهموا جميعا في تشويه صورة الإسلام. وفي هذا السياق يقول زغبي: "إن الحدة استمرت وستبقى شرخا يمكن استغلاله في أي لحظة"، مضيفا: "وقد استغل أعضاء الكونغرس هذه المسألة حين استعملوها في قضية الموانئ. كما أن المعلقين الإذاعيين لم يكفوا عن الحديث عنها".
ويتفق مع هذا الرأي جوان كول، أستاذ التاريخ المعاصر للشرق الأوسط وجنوب آسيا بجامعة ميشيغان، الذي يرى أن الأميركيين "يتأثرون بتصريحات النخبة السياسية الأميركية ووسائل الإعلام وذوي المصالح الخاصة". ويحكي كول أنه ذهل حقا عندما سأله مقدم أحد البرامج الإذاعية حول ما إن كان المتطرفون الإسلاميون سيفجرون قنبلة نووية في الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة المقبلة، قائلا: "كان الأمر سخيفا حقا. أعتقد أن العنصرية ضد العرب أصبحت أمرا محترما".
ومن