منذ كتابه الشهير "تناطح القوى"، والصادر في ثمانينيات القرن الماضي، أصبح بول كنيدي أحد كبار المفكرين الاستراتيجيين ذوي القدرة العالية على قراءة اتجاهات التاريخ والتنبؤ بمصائر الإمبراطوريات والقوى العالمية الكبرى. وفي هذا الإطار كتب مقاله "في عصر العولمة... هل تعيد الامبراطوريات شراء ما باعته؟" (الاتحاد، الجمعة 3 مارس 2006)، متوقفا عند خبرين جديدين؛ أولهما يفيد بأن شركتين، إماراتية وسنغافورية، تقدمتا في مزايدة عالمية لشراء مجموعة "بي أند أو" البريطانية للملاحة والموانئ والعبارات"، وثانيهما يتعلق بعرض قدمته شركة "ميتال ستيل" لشراء شركة "أرسيلور" العملاقة المنافسة لها.
ومن ذلك يستنتج كنيدي أن الشرق الذي كان خلال القرن التاسع عشر تحت الحماية ونظام الامتيازات لأكبر قوتين في الغرب (بريطانيا وفرنسا)، أصبح الآن يخوض منافسة اقتصادية محتدمة مع قوى جديدة ناشئة، ألجأته إلى سياسات الحماية القديمة، خلافا لقوانين التجارة العالمية ومبادئ السوق التي طالما بشر بها!
وبينما تبدو أميركا منهمكة في حروبها عن رؤية الرأسمالية الآسيوية والعربية وهي تسير في اتجاه مختلف، يستنتج كنيدي، كمواطن غربي، أن "التوازنات العالمية تتحول تحت أقدامنا بإيقاع أسرع من أي وقت مضى..."!
تيسير عزوز- تونس