في مقاله "ما وراء الرسوم وعناقيد الغضب الإسلامي"، المنشور في "وجهات نظر" يوم الخميس الماضي، ردَّ توماس فريدمان غضب المسلمين إلى تخلفهم وخيبة أملهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية والسياسية، مفسراً ذلك بنظرية هنتينغنتون "صدام الحضارات"، ونظرية ماركس "صراع الطبقات". وأحسب أن مثل هذا التفسير لا يحلل الظاهرة، بل يتجاهل أسباب غضب المسلمين الحقيقية، المتمثلة في مظاهر الظلم التي تمارسها بعض النظم الغربية، من تدخل في شؤون المسلمين، وأخيراً استفزاز المشاعر كما حدث في قضية الرسوم المسيئة للرسول الكريم. أما عدم تفهم بعض الغربيين، لغضب المسلمين لإساءة دينهم، فأحسب أنَّه يعود إلى الثقافة الغربية المسكونة بالصراع التاريخي بين الكنيسة والإنسان، وإلى جهلهم بما يمثله الدين ورسله لدى المسلمين. فالدين هو الذي يعطي المسلم فلسفته في الحياة، ومن خلاله تتأكد قيم التحرر والانعتاق من التبعية. ويمثل الرسل جميعاً لاسيما محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى، والقدوة التي ينبغي اتباعها، بينما تحول الدين لدى الغربيين إلى مؤسسات يرتبط بها الفرد ويغلب عليها الطابع الاجتماعي فقط.
د. أحمد الجلي- جامعة أبوظبي