حث الرئيس بوش الهند يوم الأربعاء الماضي، على التحرك بمزيد من الزخم من أجل الفصل بين منشآتها النووية الخاصة بالأغراض المدنية وتلك الخاصة بالأغراض العسكرية، حتى يمكن للاتفاقية النووية المتعثرة بين الولايات المتحدة والهند الحصول على موافقة الكونجرس المتشكك في النوايا الهندية، وكذلك موافقة حلفاء أميركا المسلحين نوويا، وذلك قبل الزيارة التي سيقوم بها إلى الهند وجارتها باكستان الأسبوع القادم وتستغرق خمسة أيام.
وتسمح الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع رئيس الوزراء الهندي "مان موهان سنغ" في شهر يوليو من العام الماضي، للهند بشراء الوقود النووي، ومكونات المفاعل النووي من الولايات المتحدة وغيرها من الدول، كما تسمح بالتفتيش الدولي على برنامجها النووي المدني، مع محافظتها على أسلحتها النووية.
ولكن المشكلات التي تواجه هذه الاتفاقية كانت ملحة إلى الدرجة التي دعت السيد "آر. نيكولاس بينز" وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية والذي كان مقررا أن يصل إلى الهند ليلة الأربعاء، أن يحاول التوصل إلى حل ما لها قبل وصول بوش الأسبوع القادم. ومن المعروف أن الصفقة قد تعرضت لانتقادات من قبل أعضاء في الكونجرس، ومن قبل أحزاب في الائتلاف الهندي الحاكم تنتابها شكوك حول نوايا واشنطن الحقيقية.
وفي الكلمة التي ألقاها أمام "جمعية آسيا" في فندق "ماندريان أورينتال" في واشنطن قال بوش: "هذا ليس بالقرار السهل بالنسبة للهند، كما أنه ليس بالقرار السهل بالنسبة للولايات المتحدة، ويجب أن نعرف أن التوصل إلى اتفاقية سيأخذ وقتا، كما سيتطلب صبرا من جانب بلدينا". وأضاف بوش: "سأستمر في تشجيع الهند على تقديم خطة موثوق بها وشفافة ويمكن الدفاع عنها من أجل الفصل بين برامجها النووية العسكرية والمدنية".
ودافع بوش عن القرار الخاص بتكليف موظفين هنود بأداء وظائف خاصة لشركات أميركية من موقعهم في الهند فيما يعرف بـ"Outsourcing" ووصف ذلك بأنه أصبح حقيقة من حقائق الاقتصاد العولمي.
وقال بوش في السياق نفسه أيضاً: "إن فقدان الوظائف يمثل صدمة.. فهو أمر صعب ويضع أعباء على أسرنا.. ولكن بدلا من قيامنا بالاستجابة للأمر من خلال إتباع سياسات حمائية، فإنني أعتقد أنه سيكون من المعقول بالنسبة لنا أن نستجيب من خلال سياسات تعليمية مناسبة، كي نتأكد من أن موظفينا وعمالنا سيمتلكون المهارات التي تمكنهم من أداء الوظائف المطلوبة في القرن الحادي والعشرين".
وألمح بوش إلى أن نمو الهند التي تقدر طبقتها الوسطى بـ300 مليون إنسان أي أكبر من عدد سكان الولايات المتحدة، قد فتح الباب لأسواق حيوية أمام البضائع الأميركية بدءا من الطائرات وحتى الأغذية السريعة، وعن ذلك قال بوش: "إن الشباب الهندي بدأ يعتاد على طعم البيتزا التي يشتريها من سلسلة دومينو كما أن شركة طيران (إير أنديا) تقدمت بطلب لشراء 68 طائرة من شركة بوينج تبلغ قيمتها ما يزيد على 11 مليار دولار".
وسيقوم بوش خلال زيارته ببحث عدد من الموضوعات على رأسها الاتفاقية النووية بين البلدين، وكذلك موضوع الفصل بين المنشآت النووية الهندية المدنية والعسكرية. ومن المنتظر أن يقوم العلماء الهنود خلال المناقشات التي ستجري بين الطرفين أثناء الزيارة بشرح صعوبة هذا الفصل، والتكاليف التي سيحتاجها خصوصا على ضوء التداخل الكبير بين البرنامجين.
وبالنسبة لهذا الموضوع تحديدا، فإن الولايات المتحدة ترغب في أن تقوم الهند بتصنيف معظم منشآتها النووية على أنها منشآت خاصة ببرنامجها النووي المدني، وبالتالي تقوم بجعلها مفتوحة أمام التفتيش الدولي، ومن المؤكد أن تقاوم الهند ذلك.
ومن المرجح أيضا أن تتركز أكثر المناقشات بين الجانبين على النموذج المبدئي للمفاعل النووي الهندي الذي يعمل بمولدات سريعة الصنع، والذي لم يتم استكماله بعد. فالهند مصممة على عدم خضوع هذا المفاعل للتفتيشات الدولية على أساس أن تلك التفتيشات ستؤدي إلى إعاقة الأبحاث النووية التي تجريها. ولكن المنتقدين للاتفاقية يقولون إن المفاعل ستكون لديه قدرة عالية على إنتاج البلوتونيوم للأسلحة النووية، وأن هذا يدفعهم للتشكك في النوايا الهندية.
ويقول المنتقدون أيضا إن وجود برنامج نووي مدني بضمانات هندية، ليس له معنى طالما أن الهند يوجد لديها برنامج نووي عسكري يعمل إلى جانب برنامجها المدني.
وحول هذه النقطة أدلى "إيد ماركي" النائب الديمقراطي من ولاية ماساشوستس والذي يقود المعارضين للصفقة النووية مع الهند في الكونجرس:"إذا ما سمح للهند بامتلاك برنامج نووي نصفه بضمانات وهو المدني والنصف الآخر بدون ضمانات وهو العسكري فإن ذلك سيكون مدعاة للسخرية وسيتم وصفه بأنه إجراء نصف ناضج علاوة على أنه سيتيح فرصة للسخرية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن معاهدة حظر الانتشار النووي".
وفي الكلمة المشار إليها آنفا دعا الرئيس بوش الهند إلى رفع القيود الموضوعة على الاستثمارات الأجنبية، والعمل على تخفيض قيمة رسومها الجمركية، وفتح أسواقها أمام المزيد