وضع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أمام أعضاء حكومته، خريطة الطريق للانطلاقة الجديدة، وقد احتوت على عناوين كبيرة للعمل الأكبر وهي عبارة عن استمرارية التمسك بنهج زايد رحمه الله على رأس الآباء المؤسسين للدولة وجعل خطاب صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" في ذكرى العيد الوطني الرابع والثلاثين دليلا تسترشد به الحكومة في قابل أيامها ومستقبل تحركها بين المواطنين وهذا في جانب الثوابت التي لن تحيد عنها الحكومة في كافة مراحلها.
أما في الجوانب المتغيرة والتنفيذية والتي تخص حركة الميدان المحسوسة من قبل المواطنين المتأثرين بخطط الحكومة، فعلى مستوى عمل مجلس الوزراء فقد دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى وضع خطة استراتيجية شاملة تحقق رؤيته للقيادة المعاصرة.
أما النقلة النوعية التي ما فتئ الكثيرون ينادون بها منذ عقود، فقد جاءت اليوم لتؤصل لنهج الانعتاق من قيود البيروقراطية، وعدم قدرة الأنظمة والقوانين على مواكبة متطلبات العمل الوطني في مرحلتها الجديدة، فكان الإعلان عن منح الوزارات استقلالية مالية وإدارية كاملة لكسر عنق الزجاجة الذي كان يضغط على تحجيم الانطلاق نحو الأعلى وعدم البقاء في المستويات الدنيا من الأداء الملموس، وقد تم تقييد هذه المنحة الإدارية الحديثة بإنشاء وحدة إدارية تابعة للرئيس مباشرة لتولي وضع خطط زمنية مع إتباع ذلك بإجراءات حاسمة لضمان الجودة ومتابعة الإنتاجية التي تطرد التقاعس وترميه بعيدا، عندما يتسم تحمل المسؤولية بتقديم الحلول اللازمة للمشكلات من قبل الوزراء لتحقيق الإنجازات. والعنوان الآخر وليس الأخير طبعا في المسيرة المستقبلية للحكومة هو إلغاء جميع اللجان الوزارية التي سبق تشكيلها عدا لجنة الشؤون المالية واللجنة الوزارية للتشريعات لضرورات العمل التنفيذي.
هذه العناوين الضخمة وغيرها من العناوين الفرعية التي ستظهر إلى السطح من خلال العمل الميداني تنقل الحكومة من حالة المركزية في سابق عهدها إلى اللامركزية وتفويض الصلاحيات التي كانت محتكرة في أصابع معدودة وقد جاء برهان ذلك مباشرة بعد الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بصرف مئة ألف درهم لكل مدرسة حكومية في الدولة مع فتح جميع بنود الصرف أمام إدارات المدارس. وهو مؤشر عملي قوي على أن قطاع التعليم الذي يحظى بالأولوية المطلقة هو فرس الرهان الرئيس لقيادة دفة التغيير وتطوير قدرات المواطنين لتمكينهم من أداء دورهم في عملية التنمية الشاملة التي تصب في خدمة مجتمع الإمارات.
إن العنوان الرئيس لكل هذه الخطوات التغييرية هو ما أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله: "نريد حكومة عصرية وإدارة حديثة وفعالة تعمل بشفافية وبروح الفريق الواحد المتجانس من أجل رفع الإنتاجية وتتمتع بكفاءة عالية وحيوية لتسيير مختلف المرافق في الدولة".
إن البرنامج التنفيذي لتحقيق هذه المنهجية المستحدثة للعمل الحكومي لابد أن يكون ثريا بالاقتراحات والإبداعات المتميزة وبالأخص فإن الحكومة في اجتماعاتها المقبلة تنتظر وهي تنظر إلى جدول أعمالها وقد أضيف إليه بند جديد ألا وهو (لا نريد من الوزراء أن يأتوا إلينا بالمشاكل فقط، بل أن يأتوا إلينا بالحلول الناجحة لمعالجتها).
لقد ألقى الاجتماع الأول بثقله على كاهل الأعضاء وحملهم مسؤوليات جسيمة يصعب التقاعس عنها أو التهاون بها لأنهم معنيون بوضع تفاصيل خريطة الطريق أمام المواطنين المستفيدين من تضاريسها في كل شؤون حياتهم الآنية والمستقبلية آملين في المزيد من العطاء.
د. عبدالله العوضي