عندما ألقى حاكم ولاية فرجينيا السابق مارك وورنر خطابا خلال حفل عشاء حضره أعضاء بارزون من "الحزب الديمقراطي" الأميركي في مطلع الشهر الجاري، لم يخلف الأثر المطلوب وترك في نفوس الحاضرين شعورا مبهما. ففي الوقت الذي اعتبر فيه العديد من الشخصيات أن وورنر، وهو مرشح محتمل عن "الحزب الديمقراطي" في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها سنة 2008، يتمتع بالحزم والقوة، رأى آخرون أن خطابه افتقد إلى الزخم المطلوب، وبأنه مازال بعيدا عن المنافسة الحقيقية. وقد أكد هذا الموقف أحد نشطاء "الحزب الديمقراطي" من نيوهامبشر طالبا عدم ذكر اسمه حيث قال: "كان الخطاب جافا بعض الشيء وينقصه الحماس"، وأضاف: "أراهن أنه بعد ستة أشهر لن يلقي الخطاب نفسه وسيتغير حتما إلى الأفضل". ويظل الخبر السار بالنسبة لوورنر أنه مازال أمامه متسع من الوقت لتحسين خطابه، والتركيز على القضايا التي تهم الحملة الانتخابية، خصوصا أنه لن يقف وحيدا في مسعاه، بل سيجد الدعم الكامل من حزبه.
ويعتبر وورنر الذي تخلى عن منصبه كحاكم لولاية فرجينيا في شهر يناير الماضي، أحد السياسيين الذين يسعون إلى الحصول على تزكية أحزابهم لخوض الانتخابات الرئاسية باسمها من خارج مناصب المسؤولية. وقد يصل أعضاء هذه المجموعة السياسية إلى ما لا يقل عن ستة ديمقراطيين وخمسة جمهوريين. ومن المتوقع أن تحيي الترشيحات المحتملة لبعض الشخصيات السياسية من الحزبين نقاشا قديما في أوساط السياسيين حول ما إذا كان السباق المحموم للفوز بالرئاسة يصب لصالح المرشحين الذين يشغلون مناصب منتخبة، أم الذين لا يتوفرون على تلك المناصب. وفيما يذهب أغلب الباحثين السياسيين إلى تفضيل الفئة الأخيرة، يؤكد التاريخ أن الفئة الأولى هي الأوفر حظا للفوز بتزكية الأحزاب السياسية. فبالنسبة للجمهوريين المتنافسين على كسب تزكية الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة ممن ينوون ترك مناصبهم بعد انقضاء انتخابات الكونجرس في شهر نوفمبر هناك زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بيل فريست من ولاية تينيسي، وميت رومني حاكم ماساشوسيتس، فضلا عن حاكم ولاية نيويورك السيناتور جورج باتاكي.
ويضاف إليهم أيضا، كمرشحين محتملين، كل من المتحدث السابق باسم الكونجرس نيوت جينجريتش من ولاية جورجيا الذي قدم استقالته من الكونجرس بعد الخسارة التي مني بها "الحزب الجمهوري" في انتخابات عام 1998، وعمدة مدينة نيويورك السابق رودولف جولياني الذي ترك منصبه عام 2001. ومن جانبهم يتنافس الديمقراطيون على نيل ترشيح حزبهم، حيث يوجد كل من وورنر (من نيوهامبشر) الذي وصف نفسه على سبيل التندر بأنه يعاني من البطالة حاليا، فضلا عن السيناتور السابق جون إدوارد صاحب الحظوظ الأوفر إذ سبق أن رشحه لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية لعام 2004. وبينما حسم حاكم ولاية أيوا، وهو توم فيلساك الذي يسعى أيضا للحصول على تزكية "الحزب الديمقراطي"، في مسألة ترشحه للكونجرس، مازال السيناتور توم داشل من ولاية داكوتا وزعيم الأغلبية الديمقراطية سابقا مترددا في موقفه. إلى ذلك مازالت بعض الأسماء الأساسية تلقي بثقلها من خلال بحثها عن تزكية "الحزب الديمقراطي" مثل الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك، ونائب الرئيس السابق آل جور الذي رشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2000.
وإذا كان المرشحون الديمقراطيون والجمهوريون السابق ذكرهم قد فضلوا ترك مناصبهم المنتخبة، فهناك فئة أخرى من الحزبين تحتفظ بمناصبها بينما تتنافس على خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. فعلى الجانب الجمهوري هناك السيناتور جورج ألان من فيرجينيا، والذي سيعيد ترشيح نفسه في انتخابات الكونجرس المقبلة، فضلا عن سام بروانباك من ولاية كانساس وجون ماكين من أريزونا، واللذين يزمعان الاحتفاظ بمنصبيهما في الكونجرس. من جهته ينوي المرشح الجمهوري توم تانكريدو، من ولاية كولورادو، خوض الانتخابات على قاعدة معارضته الشديدة للهجرة غير الشرعية. ويأتي على قائمة "الحزب الديمقراطي"، من الذين يفضلون الاحتفاظ بمناصبهم داخل الكونجرس، خمسة مرشحين محتملين في مقدمتهم هيلاري رودهام كلينتون من نيويورك، وإيفان بايه من إنديانا، وجوزيف بايدن من ديلاوير، فضلا عن راسل فينجولد من وسيكونسن، والمرشح السابق لانتخابات 2004 جون كيري من ماساتشوستس، ثم حاكم ولاية نيومكسيكو وهو بيل ريتشاردسون.
وبالرجوع إلى التجارب الانتخابية السابقة على امتداد خمسين سنة الماضية نلاحظ أن الحظ كان دائما إلى جانب المرشحين الذين يزاولون مهام سياسية. فمنذ عام 1956 وقع اختيار الحزبين على 12 مرشحا من الذين يشغلون مناصب منتخبة، بينما لم يرشح الحزبان على امتداد الفترة نفسها سوى خمسة منافسين من الذين لا يشغلون تلك المناصب، ومن هؤلاء الخمسة نائبا الرئيس السابقان؛ الجمهوري ريتشارد نيكسون عام 1968، والديمقراطي وولتر موندال عام 1984. وبهذا يكون جيمي كارتر الحاكم السابق لولاية جورجيا المرشح الوحيد، طيلة الخمسين سنة الماضية، الذي ترك منصبه المنتخب ومع