ستكون لمجلس الوزراء خطة استراتيجية شاملة وسيحدد من خلالها ما هو المطلوب منه لخدمة الوطن والمواطنين... ونتوقع أن يتم وضع هذه الخطة فعليا وليس نظريا كما كان يحدث في الماضي فقد كنا نسمع عن الخطط ولا نرى تنفيذا لها... كما أنها لن تكون خطة سرية كالكثير من الخطط التي توضع ولا تنفذ... ومن المتوقع وفي بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ الإمارات أن يعلن مجلس الوزراء خطة عمله والاستراتيجية التي سيسير عليها وهذا ما يؤكد أن مجلس الوزراء -وهو أعلى سلطة تنفيذية في البلاد- سيكيف نفسه حسب احتياجات "مرحلة التمكين" التي أعلنها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" في خطابه الأخير في ذكرى العيد الوطني للإمارات.
سيلعب مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي دورا مختلفا كثيرا عن الدور السابق وهو دور مكمل للدور السابق للمجلس، فالشيخ محمد بن راشد رجل عملي يؤمن بالتخطيط الذي يتبعه عمل وحركة مباشرة ومن تابع جولاته خلال الأيام الماضية في الفجيرة وفي عجمان يتأكد من ذلك، لأنها لم تكن زيارات بروتوكولية أو استعراضية بل كانت زيارات عمل حقيقية اطلع فيها سموه على الأوضاع في مدارس الفجيرة بشكل مباشر فزار المدارس وتكلم مع المدرسين ولم يفته أن يستمع لأبنائه الطلبة والطالبات ولم يترك الفجيرة إلا وقد أصدر بعض القرارات العملية التي أشعرت المواطنين هناك بأن مسؤولا زارهم وحل مشاكلهم.
وحدث الأمر نفسه في عجمان عندما زار دار المسنين وجلس مع كبار السن واستمع إلى طلباتهم واحتياجاتهم وأمر بتوفيرها حالا ثم تبادل الأحاديث وذكريات أيام زمان معهم... ولم تكمن أهمية هذه الزيارة فقط في توفير احتياجات الدار وإنما في الشعور الكبير الذي غمر "الشواب" نتيجة هذه الزيارة التي تركت في نفوسهم أثرا عظيما لن ينسوه أبدا.
إنها حكومة مختلفة، لن يكون لدى الوزراء وقت كي يجلسوا على كراسيهم... ولن ينشغلوا بتأثيث مكاتبهم بمئات الآلاف من الدراهم لأنهم سيكونون في أغلب أوقاتهم في اجتماعات عمل أو خارج الوزارة في زيارات ميدانية يتابعون ما يجري هنا وهناك في مواقع وزاراتهم المختلفة... فهم مطالبون بالعمل وليس بالتنظير والجلوس في مكاتبهم وتلقي الأوامر فقط أو بالاستماع إلى المشكلات والشكاوى دون بذل جهد لحلها... وهذا ما أكد عليه الشيخ محمد بن راشد خلال اجتماع مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي عندما طالب الوزراء بأن يأتوا إلى المجلس بحلول المشاكل فقال: "لا أريد من الوزراء أن يأتوا إلينا بالمشاكل فقط بل أن يأتوا لنا بالحلول الناجعة لمعالجتها"، فلم يعد مقبولا في الحكومة الجديدة أن يأتي الوزير حاملا بين ذراعيه ملفات ضخمة تضم كل مشكلات وزارته بل يجب أن يفكر في حلول لتلك المشكلات وبالطبع فإن هذا يعني أن وقت الوزير سيكون مشغولا ولا يحتمل كثيرا من الاستعراضات والانشغالات الجانبية.
وحتى يستطيع الوزراء حل مشكلاتهم وفّر لهم الشيخ محمد بن راشد أدوات ذلك فأمر بإلغاء المركزية في العمل وأمر بإلغاء كافة الإجراءات التعقيدية بالإضافة إلى أن سموه منح كل وزارة استقلالية إدارية ومالية كاملة ستجعل شكل الوزارة وآلية عملها وقدرتها على تحسين أدائها أفضل، وبالتالي ستكون مكافأة الوزير على التطوير والتميز أو مساءلته عن أي تقصير أو تأخير أسهل بكثير.
بالإضافة إلى ما سبق فإن تكريس مبدأ العمل بشفافية في الحكومة أمر في غاية الأهمية وخصوصا أننا نطالب الوزارات والمسؤولين في الجهات الحكومية بالشفافية فإذا لم يكن مجلس الوزراء يتمتع بالشفافية في عمله فمن الصعب جدا الاستمرار في مطالبة الوزارات والوزراء والمديرين بالشفافية في عملهم...
فشفافية الحكومة في اجتماعاتها مهمة جدا وما لا يقل أهمية عن ذلك هو شفافية الحكومة مع المواطنين من خلال الإعلان عما يدور في اجتماعاتها وكذلك توضيح أسباب اتخاذ بعض القرارات التي يصدر كثير منها دون أن يعرف المواطن لماذا صدر هذا القرار بهذه الصورة أو لماذا صدر أصلا؟!
إننا نعيش اليوم أجواء الإصلاح الإداري في الإمارات وإن كنا لا نطلق هذا المصطلح على ما يتم اليوم فعلا على أرض الواقع، إلا أن المرحلة التي تمر بها البلاد بحاجة إلى هذا الإصلاح وبالتأكيد فإن أفضل رجل يقود عملية الإصلاح في هذا المجال هو الشيخ محمد بن راشد صاحب التجارب الإدارية الناجحة والواضحة للجميع، والأهم من نجاح تجارب سموه هو إيمان الناس بقدرته على التغيير ليس بالأقوال وإنما بالأفعال وهذا ما يجعل من عملية الإصلاح عملية حقيقية يتفاعل معها الجميع ويشارك فيها الجميع لأنهم يعرفون أن ما يتم الحديث عنه اليوم سيتحول إلى حقيقة على أرض الواقع غداً لذا فإن من مصلحة الجميع المشاركة في أية عملية تطوير أو تغيير أو إصلاح... واليوم صار الجميع يشعر برغبة في تطوير بعض قطاعات الحكومة وإصلاح قطاعات أخرى وهذا التغيير والإصلاح يحتاجان إلى رجل صاحب رؤية شاملة وإدارة فاعلة وأشخاص يتاب