قفزات عملاقة تشهدها الدولة في كافة المجالات، انطلاقا من رؤية شاملة للقيادة العليا، تستشرف الآفاق لترسم ملامح مستقبل واعد، أكثر إشراقا من الحاضر الذي تنطق صروحه بما تحقق من إنجازات، وما وصلت إليه مسيرة البناء من تقدم وازدهار·
وفق هذه الرؤية الثاقبة، أصبحت دولة الإمارات نموذجا متميزا للوحدة والاستقرار والرفاه والتطور الاقتصادي السريع، عبر جسور التفوق في استثمار عوائد النفط وتنويع مصادر الدخل، وتركيز خطط التنمية على بناء الإنسان، وتوفير كل مقومات النهضة الحضارية الشاملة، بحيث يتزود أبناء هذا الوطن المعطاء بمؤهلات تلبي تطلعاتهم إلى استيعاب معطيات ومنجزات العصر والنهوض بدور فاعل في تشكيل مجرى الحضارة الإنسانية الأوسع، في عالم متعدد الثقافات·
ومن ثمار هذه الرؤية الوطنية التوسع النوعي المدروس في مشاريع النهضة العمرانية والسياحية، وتوسيع قاعدة المشروعات الصناعية ذات المردود الاجتماعي، ترسيخا للتقدم والازدهار وإبرازا لمكانة الدولة على الساحة العالمية، وتدعيما لمقوماتها التنافسية على أسس متينة لها سمة الاستمرار والاستقرار، في ظل اقتصاد عالمي قوامه المنافسة الشديدة حتى لا يكاد يتحمل البقاء فيه سوى الأقوياء·
ومن ثمارها أيضا خطط تتكامل مع هذه المشروعات في مجالات أخرى عديدة، مثل الصحة والتعليم، وهما ركيزتان أساسيتان من ركائز بناء الإنسان السليم بدنيا ونفسيا وذهنيا، فلا يمكن للمرء أن يتعامل مع التحديات والمتغيرات المتلاطمة لهذا العصر إلا إذا تسلح بصحيح الدين والبدن والعلم والوعي الوطني العميق والثقة بالنفس، وهذا كله يتعذر أن يتجمع لديه ما لم يحصل على قسط وافر ومستوى رفيع من الخدمات الصحية والتعليمية الراقية·
توخيا لهذه الغاية السامية واتصالا مع تلك الرؤية العميقة، جاء توقيع الاتفاقيات الثلاث بين الهيئة العامة للخدمات الصحية لإمارة أبوظبي وجامعة جون هوبكنز الأميركية، وكذلك توقيع اتفاقية إنشاء فرع لجامعة السوربون في أبوظبي، لنرى صورة أخرى من صور تكامل الخطط الاستراتيجية التي تجعل المواطن محورا لأهدافها العليا، باعتبار الخدمات الصحية والتعليمية أحد أهم سبل إعداد الإنسان السليم القادر على القيام بمهامه الفكرية والجسمية وتنفيذ المسؤوليات المناطة به على الوجه الأكمل·
إن التوقيع على هذه الاتفاقيات تطور إيجابي بالغ الأهمية يعني أن الفترة المقبلة ستشهد نقلة نوعية وطفرة كبيرة للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية في أبوظبي، لاسيما وأنها تأتي بعد فترة وجيزة من الإعلان عن بواكير مشروعات مجلس أبوظبي للتعليم الذي وضع استراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع الحيوي، الذي يعد بحق أحد أسس الأمن القومي·