هناك من يرى أن الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة في الكويت، خلال الفترة المقبلة، تتطلب وضع وثيقة واضحة الأهداف، وإعادة تهيئة البنية التحتية، لتكون مهيأة لاستيعاب التطورات الاقتصادية المتوقعة".
تزخر الصحافة الكويتية هذه الأيام، مع تولي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الحكم، بالتفاؤل العريض والأماني الجميلة وكل ألوان التوقعات بالازدهار سياسياً واقتصادياً. فلعل الفرصة قد حانت، كي تتحقق نبوءة القاضي السوري فيصل العظمة، الذي عمل فترة من الوقت في الكويت، وكتب عام 1951 يقول: "قضيت في الكويت نحو تسعة شهور، كانت مترعة بالعمل، ملأى بالهدوء والجمال... إن الكويتيين هم أشبه العرب بالسوريين بنشاطهم وذكائهم وأدبهم، وإن ما رأيته وما سمعته عن مهاراتهم في التجارة التي يُشرِّقون بها ويغرِّبون، وعن مغامراتهم في ركوب البحر ما بين الهند، وزنجبار، والبصرة، يصارعون الأمواج بالخشب، ويسابقون البواخر بالأشرعة و"الأبوام" ذكرني بأجدادنا الفينيقيين، الذين نبتوا على سواحل الكويت، واستقروا على سواحل سوريا، واستعمروا سواحل بريطانيا والبحر البالطي- بحر البلطيق- وفرنسا فضلاً عن سواحل الأطلسي والمتوسط. إن السوريين والكويتيين هم أحفاد الفينيقيين، وأملي كبير أننا معاً سنرفع الراية التي رفعوا، ونسطع في الدنيا كما سطعوا. وإن ما رأيت في الكويت منذ ثمانية أعوام، ليجعلني على يقين أن الكويت ستغدو لؤلؤة الجزيرة العربية، ومشعل الحضارة في هذا الجزء الطيب من الوطن العربي الأكبر".
وبقدر ما كان حديث القاضي فيصل العظمة الودي تاريخياً حالماً، كان حديث الاقتصادي الكويتي يعقوب يوسف الحمد، في العام نفسه، تكملة تنفيذية لأماني القاضي، ومحاولة لإرساء البنية التحتية للبلاد. تحدث الحمد في مقاله بأن في البلد حركة مباركة واسعة، يقصد بها التوسع في العمران والتطور، وازالة القديم لانشاء الجديد العصري محله. وأول هذه الحركة، حسب ما تصلنا الأخبار من الوطن، هي الرغبة في شق شوارع جديدة كثيرة. واقترح الحمد، وكان يومذاك مقيماً في بومباي، "إزالة السور نهائياً من الوجود"، لأن وجوده يمنع امتداد العمران في المدينة. (للأسف تم هدم السور بعد ذلك بخمس أو ست سنوات!) وطالب بنقل مطار الكويت، وكان في منطقة النزهة الحالية بالقرب من مركز المدينة، "إلى أبعد مسافة عن المدينة، لأنه قد يعيق حركة البناء والانشاء بعد ازالة السور". نحن اليوم بعد أكثر من نصف قرن من تلك البداية، وبعد معايشة الكويت لتجارب سياسية واقتصادية مريرة كأزمة "المناخ"، والحرب العراقية- الإيرانية والغزو وحرب إسقاط النظام الدكتاتوري في العراق، مما ترك أعمق الآثار السلبية في مختلف قطاعات التنمية.
ما الذي يقترحه رجال الأعمال والاستثمار في الكويت بعد التحولات السياسية الأخيرة، وتولي الشيخ صباح حكم البلاد؟
مدير عام مجموعة التمويل في بنك "بوبيان" يوسف العبيد قال: "إن أميرنا يتصف بثلاث صفات، الأولى أنه صاحب رؤية اقتصادية بعيدة المدى، والثانية أنه مستمع جيد، والثالثة أنه صاحب قرار. ولهذا فإن من يملك هذه الصفات فهو يملك القدرة على تفعيل الاقتصاد". رئيس مجلس ادارة إحدى الشركات، "تمنى أن يكون هناك مزيد من الانفاق على المشاريع التي تهتم بالبنية التحتية من خلال إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص". وقال إن الأمور في عهد الشيخ صباح "ستكون مهيأة للعمل بكل جد والمنطقة ستكون أكثر استقراراً حيث ستنتقل الأعمال في العراق من التنقل اللوجستي إلى الإعمار الحقيقي، وهذا ما سينصب في خانة الشركات الكويتية".
وطالب أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت د. عبدالله السلمان أن الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة في الفترة المقبلة تتطلب وضع وثيقة واضحة الأهداف، وإعادة تهيئة البنية التحتية لتكون مهيأة لاستيعاب التطورات الاقتصادية المتوقعة".
وأعرب الوزير السابق علي الموسى عن تفاؤله "في القضاء على الروتين والبيروقراطية التي تحول دون انطلاق الاقتصاد الكويتي". وطالب رئيس اتحاد السماسرة محمد الهاجري "أن تشهد الفترة المقبلة الموافقة للوافدين والأجانب على تملك العقارات وفتح المجال للوافدين بالتملك والاستثمار في كل القطاعات من دون محاذير، وإلغاء نظام الكفيل على غرار بعض الدول التي ألغت هذا النظام، لاسيما وأن الانتربول بامكانه الوصول إلى أي شخص في أي مكان".
ولكي تتمكن الكويت من جذب المستثمر الأجنبي، دعا الاقتصادي يوسف العبيد الدولة إلى أن تشرع قانون المستثمر الأجنبي وكذلك قانون الضرائب الذي عفا عليه الزمن، فالسؤال المطروح اليوم: كيف تحاول الكويت أن تكون مركزاً مالياً مرموقاً دون وجود تشريعات اقتصادية تمهد الطريق؟
وعرض رئيس مجلس إدارة احدى شركات العقار مجموعة كبيرة من المطالب والنقاط، منها: تنفيذ المشاريع الكبرى التي هي على أجندة الدولة، تطوير المنطقة الحرة، تفعيل دور الصندوق الكويتي للتنمية، استحداث هيئة مستقلة للمستثمر الأجنبي، استحداث هيئة مستقلة لتطوير مدينة الكويت، تسويق الكويت مركزاً مالياً ومركزاً ل