درع الجزيرة سيتطور ويتوسع
استوقفتني روح التشاؤم المفرط في مقال الدكتور أحمد عبدالملك ''درع الجزيرة··· لمن··· ومع من··· ولماذا؟'' (الاتحاد، الخميس 16 فبراير الجاري)، والتي انتهت به إلى التقليل من قيمة الإنجازات المتحققة في إطار مجلس التعاون الخليجي! ولاشك أن ذلك تهوين ليس في محله الآن، وإن كان النقد الإيجابي ضرورة في كل حين لتقويم المسيرة وإعادة دفعها مجددا نحو الأهداف والطموحات المشتركة· لكن يبدو لي أن التساؤلات التي أثارها الكاتب حول قوة ''درع الجزيرة''، وما حاول إضفاءه من شكوك حول إمكانية استمرارها، لا تصب في مصلحة الآمال التي يتطلع إليها أبناء دول المنطقة من وراء إقامة المجلس، كإطار مؤسسي يلم شعث وحدتنا الممزقة، ويرشد جهودنا السياسية والاقتصادية التي طالما تبددت بسبب التفرق وغياب الصيغ السياسية الجامعة· لذلك أقول إن درع الجزيرة جاء كاستجابة للتطلعات الشعبية في التقارب والاندماج الخليجيين، وهي تطلعات ما تزال حية ونشطة، بل تتأكد أكثر من ذي قبل مع تزايد التحديات الأمنية وعوامل التوتر في المنطقة· صحيح أن الوجود الأميركي في العراق، وأجواء النزاع والخطر التي يفرضها البرنامج النووي الإيراني في الخليج، ستفرز متغيرات محلية وإقليمية جديدة كليا، ولن تكون لسياسات السنوات الماضية كفاءة التعامل معها· كذلك سيتغير الفكر الاستراتيجي الذي صاغ مشروع ''درع الجزيرة''، وستتبدل الحاجات الأمنية والدفاعية للدول الخليجية ذاتها، نتيجة التغير في منظومات القوة الوطنية لهذه الدول··· مما يعزز إمكانية إحداث تعديلات كبرى على المجال الدفاعي الخليجي المشترك، وعلى رأسه قوة درع الجزيرة، ولكن تغيرات البيئة الأمنية الإقليمية والمحلية، سيكون من شأنها بكل تأكيد أن تدفع إلى تطوير وتوسيع درع الجزيرة، وليس تفكيكها، كما يعتقد الدكتور أحمد عبدالملك؛ فالمكتسبات التي تحققت في هذا المجال، ومنها الربط الراداري ونظام الإنذار المبكر، لا يمكن التراجع عنها، بل ستكون الخطوات القادمة حركة تقدم إلى الأمام وبلوغ الآمال ورفع التحديات ومجابهة المخاطر، ولا سلاح أمضى لتلك المهمة من سلاح الوحدة الخليجية كأحد المسارات نحو الوحدة العربية الشاملة، وهذه خلاصة حلم جيل جديد لا يؤمن بالقفز في الهواء وسياسة حرق المراحل!
حمد عبد الله- أبوظبي