هناك آمال وطموحات ورهانات كثيرة معلّقة على أداء الحكومة الجديدة التي ننتظر منها جميعا تحقيق طفرة هائلة في مختلف قطاعات العمل والإنتاج، وبما يوازي مستوى الديناميكية التي يتسم بها الطاقم الوزاري الجديد، ومن بين هذه الطموحات والرهانات ملف ''المناطق النائية'' في الدولة، وهو ملف يستحق أن يدرج في مقدّمة الأولويات، حيث نتمنّى أن يختفي هذا المصطلح من الذاكرة الجمعية للمواطنين والإعلام على حد سواء·
الاختفاء الذي نقصده لن يتأتى سوى عبر منح هذه المناطق أولوية مطلقة كما يؤكد ذلك دوما صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ''حفظه الله''، وذلك من خلال توجيهات سموه الدائمة باستكمال البنى التحتية وأوجه نقص الخدمات في تلك المناطق، والاختفاء الذي نقصده أيضا هو اختفاء هذا المصطلح من الناحية النفسية، بمعنى التخلّص من أي مظاهر تدلّ على أن هناك تفاوتا في مستوى الاهتمام الحكومي بين منطقة وأخرى، بحيث نصل بالفعل إلى تطبيق مفهوم التنمية الشاملة المتوازنة بما يشعر مواطني المناطق البعيدة جغرافيا بأن البعد لا يفرز مطلقا أي تجاهل تنموي ولو في حدّه الأدنى·
إن دولة الإمارات الحريصة دوما على توفير سبل الحياة الكريمة لمواطنيها جميعا، لهي أشد حرصا على التخلّص من أي أثر للاختلال في مستويات التنمية، فالكل ''أهلنا وآباؤنا وإخواننا وجزء من هذا الشعب العزيز''، كما سبق أن قال سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، والاهتمام بتلك المناطق لم يكن أمرا طارئا أو مستحدثا بل هو استكمال لتجربة تنموية رشيدة بدأها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بحرصه -رحمه الله- على توفير مقوّمات الحياة الكريمة لكل مواطن من أبناء هذه الأرض الطيبة· ومن نافلة القول إن ملف تطوير المناطق النائية قد حظي خلال الفترة الأخيرة باهتمام استثنائي أيضا من قبل الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث يولي سموه اهتماما خاصا بمتابعة أوضاع هذه المناطق، وتطوير الخدمات الإدارية فيها بحيث تضارع نظيرتها الموجودة في المدن الرئيسية بل وتتفوّق عليها مثلما حدث في مركز ''تم'' بالمنطقة الغربية، الذي يعتبر نموذجا مبتكرا وفريدا في تطوير الأداء الحكومي·
المناطق التي توصف بالنائية أو ''المحرومة'' تعاني أوجه قصور عديدة ولكنها معروفة، والمأمول أن تتخلّص قريبا من الهموم والإشكاليات التنموية التي أفرزت هذه المسميات التي تترك انطباعات نفسية سيئة لدى سكان هذه المناطق، وربما تدفع الجيل الناشئ إلى هجرتها نحو مدن ''المركز''، في وقت نحتاج إلى جهودهم لتنمية مناطقهم، ولن يتأتى ذلك سوى بتنفيذ مشروعات طموحة تنهض بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية وتدعم البنى التحتية ومشروعات الإسكان والطرق، وكل ذلك يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع من مسؤولين ورجال أعمال وجامعات وجمعيات أهلية بما يشعر هذه المناطق بأنها جزء غالٍ من هذا الوطن المعطاء وأنها لم تكن ولن تكون نائية أبدا عن قلب الوطن·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae