خطاب ''حالة الاتحاد'' الأخير الذي ألقاه الرئيس بوش، يبين بشكل واضح أن الرئيس الأميركي، تخلى عن حالة الزهو والنبرة الانتصارية التي كان يلقي بها هذا الخطاب خلال الأعوام السابقة· فهو هنا يتحدث عن تخفيض في أعداد القوات في العراق يتلوه انسحاب، كما يعترف بأن إيران واقعة تحت سيطرة مجموعة من رجال الدين، وأن أميركا لا تملك حيال ذلك سوى التودد إلى الشعب الإيراني كما فعل في خطابه، وهو أيضا يناشد حكومات شرق أوسطية أن تتخذ المزيد من الخطوات على طريق الديمقراطية·
كلها مواقف تنم عن إدراك الرئيس الأميركي للواقع المأزوم الذي تواجهـه السياسـة الأميركية في العالم· ولكن أكثــر ما كــان لافتا للنظـر في هذا الخطاب هو ما أعلنه بوش من أن الولايات المتحدة تخطــط لتخفيض الكميات التي تستوردها من النفط من الشرق الأوسط بنسبـة خمسة وسبعين في المئة، وإعلانـه عن سياسة جديدة تقوم على دعـم أبحاث الطاقة وتخفيض استهلاك الوقـود الأحفوري، والتوجه إلى مصادر الطاقة البديلة·
هذه السياسة ليست جديدة، ونقرأ عنها منذ سنوات ولم يتحقق منها شيء ذا بال على أرض الواقع بل إن شره أميركا وإدمانها على النفط قد زاد؛ فالتدابير التي أعلنها بوش لتقليل ''إدمان'' أميركا للنفط لا يتوقع لها أن تخفض من استيرادها للنفط بهذه النسبة الكبيرة· وهناك اعتقاد قوي لدى كثيرين بأن غزو العراق لم يكن سوى من أجل تأمين بعض من حاجات واشنطن النفطية، وأن ما تدبره الإدارة الأميركية من خطط للتدخل في إقليم دارفور السوداني في الوقت الراهن يرجع إلى أن تلك المنطقة ربما توجد بها احتياطيات نفطية، وليس لأسباب إنسانية كما تدعي الإدارة· أميركا إذن تحاول تأمين الحصول على النفط من مصادر غير تقليدية ربما بسبب خلافات في وجهات النظر السياسية بينها وبين كبريات الدول المصدرة للنفط في المنطقة، كما أنها تحاول في هذا الإطار أيضا الضغط على روسيا من أجل إجبارها على ضبط سلوكها النفطي من خـلال اتهامها بأن الاعتبارات السياسية تتحكم في سياسات موسكو التصديرية وأنها تستخدم النفط كمصدر ضغـط وأن هذا غير مقبول في الســوق النفطية التي يجب أن تقوم على الحرية والشفافية·
حسين عبدالرحيم- الشارقة