مثلت الدعوة التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوفد من حركة ''حماس'' لزيارة موسكو مفاجأة للكثيرين· والمفاجأة الأكبر أن ''حماس'' أبدت ترحيبها بالدعوة· سيقول البعض ألم نقل لكم إن الإسلاميين مستعدون دوما للتعامل مع الشيطان إذا ما كان ذلك سيحقق مصالحهم، وهي في النهاية الوصول إلى الحكم بصرف النظر عن كل اللافتات المرفوعة بدليل مسارعتهم إلى تلبية دعوة من بوتين الذي تربي في أحضان الحزب الشيوعي وجهاز الاستخبارات السوفييتية الرهيب ''كي جي بي''· ربما يرد عليهم البعض بالقول إن اسم روسيا الآن لا يقترن بالشيوعية بنفس الطريقة التي كان يقترن بها اسم الاتحاد السوفييتي بها وخصوصا بعد أن تفكك النظام منذ خمسة عشر عاما تقريبا فيرد عليهم البعض الآخر بالقول إن هذه الفترة ليست كافية لأن تقوم أمة ما باستبدال جلدها بجلد آخر تماما حتى لو كان الحزب الشيوعي في روسيا الآن ليس هو الذي يمسك بزمام الحكم· سنسمع آراء كثيرة حول هذا الأمر، كما قد يعيد ذلك إلى الأذهان مشهدا من مشاهد الحرب الباردة عندما كان الاتحاد السوفيتي -أو روسيا الآن- يقوم دوما بإعلان وقوفه إلى جانب أي حركة تحرير· نعم ولكن هناك تغيرا نوعيا قد حدث بالتأكيد عندما تتخذ روسيا الآن موقفا يمكن أن يشي باستعدادها لدعم حركة تحرير ذات أجندة دينية· وربما يكون قادة ''حماس'' قد قرروا أن يتجهوا لليسار قليلا في إطار رسالة ضمنية موجهة لشرائح وجماعات أخرى في فلسطين وإسرائيل أو في المجتمع الدولي· كل شيء جائز في السياسة، وإن كنت أنا شخصياً أعتقد أن دعوة روسيا لقادة ''حماس'' لزيارة موسكو قد تمت بالتنسيق مع الأميركيين خصوصا وأن الدولتين حليفتان في الحرب العالمية ضد الإرهاب وبوتين يقوم بقتل ثوار الشيشان المسلمين بقسوة بالغة، فهل يدرك قادة ''حماس'' الذين رحبوا بالدعوة ذلك؟ مجرد سؤال يحتاج إلى إجابة· حقا إن كل شيء جائز في الحب والحرب·· وفي السياسة أيضاً·
حسني عبد الخالق- أبوظبي