عين أميركا على النفط
لدى قراءتي مقال الكاتب محمد السماك، الذي نشر في هذه الصفحات يوم الجمعة الماضي، وقفت عند أمرين رئيسيين شدا انتباهي· أولهما ما بدا في عموميات المقال وتفاصيله، من تسليم مطلق بمفهوم ''حرب الحضارات'' الذي عنون به الكاتب مقاله، وتحدث عنه تفصيلاً لدى تناوله لحادثة نشر الرسوم المسيئة في الصحيفة الدانمركية، قائلاً عنها ''إنها ربما تؤدي إلى إشعال فتيل حرب الحضارات التي طالما نظر لها وعمل من أجلها الخبراء الاستراتيجيون في الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة''· صحيح أن هناك من يؤمن ويسلم بهذا المفهوم -مثلما يفعل الكاتب- إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة الجدل الفكري الواسع النطاق، الذي شمل دوائر السياسات ووضع الاستراتيجيات الأميركية نفسها حول المفهوم، عندما طرحه المفكر والكاتب المعروف صمويل بي· هنتينغتون·
والإشارة المقصودة هنا، الصعوبة المحيطة بقبول فكرة أن إشعال ''حرب الحضارات'' كان هدفاً مركزياً استراتيجياً ظلت واشنطن تتطلع إليه وتسعى لتحقيقه منذ نهاية الحرب الباردة· فهل كانت الاستراتيجية الأميركية على كل هذا القدر من الشوق والتعطش لإشعال فتيل حرب أخرى، في أعقاب الحرب الباردة مباشرة، على أن تكون هذه الحرب ذات طابع حضاري على وجه الخصوص؟! صحيح أيضاً أن الإدارة الأميركية الحالية لا تحسد على رعونتها، إلا أن تلك الرعونة لم تذهب بها إلى ذلك الحد· والحق يقال، فقد كانت ولا تزال عين أميركا على النفط في العالم العربي الإسلامي· أما الحضارة بحد ذاتها فلم تكن هدفاً، وهذا لب النقد الذي وجه إلى نظرية ''حرب الحضارات'' في مصادرها الأم لدى هنتينغتون·
أما الأمر الثاني الذي استوقفني طويلاً في المقال، فهو تنافر عنوانه ومقدمته ومتن نصه مع النتيجة النهائية التي خلص إليها، بدعوته للحوار باعتباره السبيل الوحيد لنزع فتيل الدانمرك· وبدت لي الجملة الختامية منه -التي أشار فيها الكاتب إلى أهمية الحوار- كما لو كانت استدراكاً أخيراً منه، قبل أن توضع النقطة النهائية وينقطع الحديث، فيختتم المقال ويترك الفتيل على حاله دون أن تطفأ ألسنة اللهب التي احتشد بها النص·
إبراهيم جلال- رأس الخيمة