تحل هذه الأيام الذكرى الأولى لحادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وذلك في ظرف عصيب ومليء بالمخاطر والتحديات الماثلة· وبينما كان من نتائج ذلك التطور المأساوي المؤلم أن جمع أطيافا لبنانية طالما تخاصمت في السابق، بل كثيرا ما تبادلت لغة الرصاص، حول جنازة الشهيد الحريري كمنصة إطلاق ضد الوجود السوري، فالتساؤل الذي يطرح نفسه اليوم: هل استطاع من أرادوا التوظيف السياسي لحادثة الاغتيال أن يتحكموا بالنتائج ويحققوا أهدافهم كلها من وراء ذلك التوظيف؟
ليس من شك اليوم في أن الوضع بعد عام من اغتيال الحريري لم يصبح جيدا تماما بالنسبة لأي طرف! فسوريا التي بادرت أطراف ''التوظيف السياسي''، ومعهم الغرب وعلى رأسه أميركا، إلى اتهامها بالضلوع في تلك الجريمة، اضطرت إلى انسحاب عسكري لم يخل من مهانة واضحة، ورغم انسحابها فقد تعالت الضغوط والاتهامات الأميركية ضدها! أما ''حزب الله'' فبات مكشوفا لمخاطر محلية واقليمية ودولية شتى، وقد أصدر مجلس الأمن قرارا يطالب بتجريده من سلاحه، ما فتح الأبواب لمطالبات أخرى واسعة، داخلية وخارجية، بتحقيق ذلك الأمر!
أما على الجانب الآخر في لبنان، فلا يبدو الوضع أقل سوءاً؛ ويكفي أن نشير مثلا إلى أن زعيم الأغلبية والمتصرف بأمر الحكومة سعد الحريري لم يعد إلى لبنان منذ عدة أشهر، كشأن عدد آخر من رجالات السياسة في معسكره والمتحالفين معه· بينما ظل الزعيم الدرزي يلقي بقنابله الكلامية في اتجاهات مختلفة وغير موزونة، داخل تحصيناته في المختارة!
وكما لم يعد أي من ساسة لبنان اليوم يأمن على حياته الشخصية، فكذلك لبنان الذي فقد كثيرا من موجهاته وضاعت منه البوصلة! لكن أليس من المعيب للزعماء الوطنيين أن يهتموا بأمنهم الخاص، ويتركوا لبنان ضحية لقراراتهم العشوائية وحساباتهم الخاصـة ونزواتهم الطائشة؟! فأين لبنان في كل التجاذبات الحالية؟ أجزم أن أحدا لا يكاد يراه اليوم!
نهّار جميل- بيروت