دعوني أقدم بين يدي الموضوع ببعض النقاط المحورية من وجهة النظر الشخصية· هذه النقاط في زعمي ستسهم في التعامل مع القضية مدار البحث، كوني مسلماً أعتز بهذا الدين الذي يؤمن به ملايين البشر، لابد أن تكون لي وقفة صادقة، ترى أن ما نشر من صور حول الرسول عليه الصلاة والسلام، قضية تجاوزت كل الأعراف الحضارية والثقافية وحتى عرف النشر الإعلامي·
نعم أنا من دعاة الحرية الإعلامية بصورتها الايجابية، والتي تضع رقيباً ذاتياً يجعل الإعلام منبراً للخير والبناء، وليس معولاً للهدم والخراب· وفي الدنمارك وغيرها من الدول الغربية هناك أصول متبعة للإعلام، فهو خاضع للرقابة الذاتية، وليس رقابة الدولة هذه الرقابة تتحرج من الكتابة حول مواضيع معينة أو نشر صور إلا بمواصفات محددة، وأرجو أن يفيق الإعلام الغربي من سكرته ويرجع إلى عقله كي يناقش حدود الممكن وغير الممكن والمسموح به وغير المسموح، وعندها سيعرف أن الإعلام الحر له محددات داخلية تمنعه من الخوض في بعض القضايا·
المقدمة الثانية في الموضوع، ترتبط بنا كعرب ومسلمين، ما أكثر المواقف التي عالجناها بالعاطفة، حتى تكسرت عواطفنا أمام تحديات الحضارة التي نعيش فيها، والمؤمنة بأن الذكي هو القوي، والقوي هنا هو من تسنده القوانين والدولة والمصالح المتداخلة، هناك أكثر من قضية أردنا معالجتها بالعاطفة الجياشة فانقلبت علينا· من يصدق مثلاً أن في إحدى الدول التي لا يخلو فيها شارع من رجل أمن، تسير مظاهرات ضد ما نشر من صور مستنكرة· هذا نوع من استغلال العاطفة العربية، بصورة تصرف العربي عن العقل، الذي يقوده إلى الخير إلى عاطفة تحقق من خلالها أهداف غير نصرة النبي عليه الصلاة والسلام· ثم من المستفيد من التصرفات غير المسؤولة التي تعقب كل مظاهرة من هذه المظاهرات؟ نعم المظاهرة وسيلة لبيان موقف محدد متى ما قادها العقل، لكنها ذات نتائج سالبة متى قادتها العاطفة، متى ندرك أن الغرب له لغة غير اللغة التي نحاور فيها عقولنا، لذلك من الصعب أن نفهمه كما أنه من الصعب عليه إدراك ما نريد، ما هي الرسالة التي نوجهها للغرب بعد أن حرقنا مؤسساتهم، أو لا قدر الله قام بعض المتطرفين بعمل تخريبي في تلك الدول؟ إنها الرسالة التي أرادها أعداء الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي أننا أمة هدم لا بناء وأن العالم سيرجع إلى العصر الحجري لو حكم المسلمون الدنيا·
بعد هذه المقدمات دعوني أقف وقفات مع ما ينبغي القيام به، من أول الأمور إصدار قرار من المحافل الدولية يمنع التعرض لكل الأنبياء بأي نوع من السخرية، وأقول كل الأنبياء، لأننا كأمة مسلمة، نؤمن بما أُنزل علينا، وما أُنزل من قبل، لقد نجح اليهود في إصدار قانون يجرم معادي السامية كما يقولون، وذلك بعد جهد طويل، فهل ننجح نحن في ذلك؟
المحور الثاني يكمن في الرسالة المعاكسة أو صدى الصوت كما يقال، ما هي وسائلنا للتواصل مع شعوب يغلب عليها الوعي والتعليم، لكنهم لسبب أو لآخر مغيبون عن حقائق الإسلام، وقد أحسن من رفع شعار لو عرفوه لأحبوه، وذلك في حق نبي هذه الأمة، بل إنني أقول وبكل جرأة لو عرفوه لاتبعوه، لأن الغربي اليوم في الغالب العام ملَّ من التيه الروحي الذي يعاني منه وهو يبحث عن البديل، فهل نقلب السحر على الساحر ونستثمر هذا الموقف المنكر كي نقدم رسالة الإسلام للعالم؟
وأخيرا الاقتصاد له دور أساس في الحضارة الغربية، وهذا سر احترامهم للصين رغم اختلافها معهم في الفكر، فهو ينجح عندما تفشل العديد من الوسائل، فهل آن لنا استخدام هذه اللغة الدولية مع بقية الرسائل التي نوجهها للغرب؟