كارثة العبَّارة المصرية ''السلام ''98 التي نتج عنها موت ما يقارب الألف من الركاب تثير في النفس الأسى وتدفع إلى الغيظ الشديد بسبب تجرد بعض البشر من الضمير والوازع الأخلاقي والديني· حريق يشتعل بعبارة، ويتصل قبطانها كما جاء في الصحف بمالك العبارة على هاتفه المحمول ينتظر منه أوامره، فيأمره الأخير بمواصلة الرحلة إلى سفاجا لأن عودته إلى ضبا قد تسيء إلى سمعة عبارات سيادته لدى السلطات السعودية، التي قد تضطر بعد ذلك إلى التدقيق أكثر في توافر مواصفات السلامة في عبارات الشركة المشؤومة التي تمتلك كما علمت نصف عدد العبارات العاملة على خط ضبا- سفاجا، مما قد يؤدي إلى تعطيلها، ويلحق بها خسائر مادية· بسبب هذا العذر الواهي أمر مالك الشركة القبطان بمواصلة الإبحار نحو سفاجا، وعندما حدث ما حدث وبدأت العبارة في الغرق كان القبطان من أوائل الهاربين منها على الرغم من أن القبطان يفترض أن يكون آخر من يغادر سفينته في حالة الغرق -فهكذا نسمع وهكذا نقرأ- ولكنه آثر النجاة بحياته، بل وحاول كما قيل منع بعض ركاب العبارة من الركوب معه في نفس قارب النجاة· لا أستطيع أيضا تفهم موقف قبطان العبارة الأخرى التي كانت تبحر في ذات الوقت، وشاهد قبطانها العبارة ''السلام ''98 وهي تغرق أو على وشك الغرق، ومع ذلك تجاهل ما يحدث وواصل سيره وظهر بعد ذلك في برنامج تلفزيوني في إحدى القنوات الفضائية يدافع عن وجهة نظره ويقول إنه كان يحمل 1200 راكب على ظهر عبارته، وإن الظروف الجوية كانت سيئة وإنه لو لم يتصرف بهذه الطريقة لكانت الكارثة قد تحولت إلى كارثتين· لا أستطيع الجزم بصحة كلامه من عدمه من الناحية الفنية، ولكني أتعجب كيف لا يقوم بالمساعدة بأية طريقة كأن يلقى بعض قوارب الإنقاذ أو حتى بعض أطواق النجاة لتقليل عدد الضحايا على الأقل· لابد أنه كانت هناك أساليب لتقديم مساعدة من أي نوع لركاب العبارة المنكوبة· إن ما حدث يدعونا لأن نتشكك في كل شيء: في توافر إجراءات السلامة، في تأهيل الأطقم العاملة على تلك العبارات، في دقة إجراءات التفتيش في موانئ السفر والوصول، وأخيرا توافر الوازع الأخلاقي والديني لدى القباطنة حتى لا يكونوا أول الهاربين عندما تغرق السفن التي يقودونها·
فوزي عبد التواب- أبوظبي