العلم ليس مقابلا للدين
لفت نظري السؤال الذي طرحه الدكتور أحمد البغدادي؛ ''صدام الحضارات··· هل بدأ؟'' (الاتحاد، الثلاثاء 7 فبراير 2006)، وقد أراد الكاتب، كما يتضح من عنوان مقاله أعلاه، أن يعرض نظرية صدام الحضارات التي صاغها وطرحها المفكر الأميركي صمويل هنتغتون قبل نحو 15 عاما، لـ''اختبار ودي'' على محك ما يحدث هذه الأيام من توتر بين عالمي الإسلام والغرب إثر الإساءات الأوروبية ضد نبينا صلى الله عليه وسلم·
ولئن كان كاتبنا لا يرى أي مبرر، من وجهة نظره، لردود الفعل التي أظهرها الشارع العربي الإسلامي الغاضب إزاء الإساءة إلى مقدساته الدينية، باعتبار أن الأولى غير عقلانية وتعكس روحا غوغائية لا تتصف بالرشد والكياسة، فإنه يحذر من ردود فعل دنماركية قد تضر بمصالح المسلمين، بما في ذلك التضييق على الجالية الإسلامية هناك، وتشديد شروط الهجرة واللجوء وإجراءات الزيارة على رعايا الدول العربية!
وبطبيعة الحال فالكاتب ليس معنيا بذلك التناقض بين حرصه على مصالح الشارع الإسلامي وبين امتعاضه من مشاعر الغيرة الدينية التي أظهرها ذلك الشارع، طالما أن الأمر يتعلق بشارع يعيش خارج طور العقل وعلى هامش العصر ونافر من كل تقدم وتطور··· أقول بما أن الكاتب، أي كاتب، ينظر باستعلاء إلى العامة، فقد لا يكترث بإحكام خطابه إزاءها وتمحيصه، لأن موضوع الخطاب (العامة) ليس أهلا لخطاب عقلاني متماسك الأركان والحجج!
وكخلاصة لمقاله، يقول الدكتور البغدادي: ''ما حدث إنما يقدم لنا مؤشرا أوليا على صدامات حضارية قادمة بين المسلمين والغربيين، حيث يتسلح المسلمون بدينهم، في مقابل تسلح الغرب بحضارته وتقنياته التي يحتاجها المسلمون، وقد تصدق نظرية هانتغتون، وبالتالي فإن عصر العولمة لن يكون عصر سلام بل عصر حروب يستحيل أن تظل محصورة في الجانب الحضاري''!
وأول ما نلاحظه هو أن البغدادي في تلك الأسطر، ينقلب رأسيا على كل ما قاله وكتبه سابقا حول انتصار روح العصر الرأسمالي الغربي، في إنكفاءة ينقصها العمق والتأصيل النظري على أطروحة هانتغتون التي أكل عليها الدهر وشرب· أما الأمر الثاني فكونه يضع ''دين المسلمين'' في مقابل ''تقنية الغرب''، متناسيا حقائق أساسية حول العلم والتقنية باعتبارهما مكتسبات إنسانية مشمولة في علاقات الاعتماد المتبادل بين الجماعات البشرية على اختلافها!
عنتر إسماعيل- اليمن