تضمّنت دراسة أعدها ''معهد سياسة الأرض'' الأميركي حول المياه المعدنية المعبأة العديد من المؤشرات المهمّة التي يصعب تجاهلها، ولكن المؤشر الأبرز ضمن نتائج هذه الدراسة أن استهلاك الفرد في دولة الإمارات من المياه المعدنية المعبأة يأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بنحو 164 لتراً للفرد سنوياً· ورغم أن هذا المعدل يتواكب مع الارتفاع المتنامي في مستوى المعيشة بالدولة ويتواكب كذلك مع ارتفاع مماثل في معدلات الاستهلاك الفردي من المياه المعدنية المعبأة في مناطق شتى من العالم، حيث تشير الدراسة -على سبيل المثال- إلى تزايد استهلاك الفرد من المياه المعبأة في الهند إلى ثلاثة أضعاف فيما تضاعف الاستهلاك في الصين خلال السنوات الأخيرة، ومع ذلك فإن هذه الدراسة قد سلّطت الضوء على حقائق ينبغي أن ننتبه إليها جيدا لكونها تدقّ ناقوس الخطر في مواجهة تزايد معدلات استهلاك المياه المعبأة، وفي مقدمة هذه الحقائق، الكلفة الاقتصادية الباهظة لتصنيع زجاجات المياه البلاستيكية مقارنة بإنشاء شبكات التوزيع المنزلي التي تعدّ أقل تكلفة وأكثر حماية للبيئة· كما تحذر الدراسة أيضا من الآثار البيئية الناجمة عن التعامل مع الزجاجات البلاستيكية بعد استخدامها، مشيرة إلى أن 86% من الزجاجـات البلاستيكية الفارغــة في الولايات المتحــدة -كمثال- ينتهي مصيرها إلى مكبّات النفايات، وترى الدراسة أن أي نهاية للزجاجات البلاستيكية بعد استخدامها تمثل خطرا بيئيا مدمرا، مشيرة إلى أنه في حال طمرها تؤدي إلى انبعاث غازات سامة وإلى رماد يحتوي على معادن ثقيلة، في حين أن إلقاءها في المكبّات يضمن لهذه النفايات استمرارية قد تصل إلى نحو ألف عام قبل تحلّلها بيولوجياً بشكل كامل، ولذا تلجأ بعض الدول -كما تقول الدراسة- إلى نقل هذه الكميات الهائلة من الزجاجات البلاستيكية الفارغة إلى دول أخرى وتبحث لها عن وسيلة ''دفن'' بعيدة لتفادي خطرها البيئي مثلما يحدث تماما في التعامل مع خطر النفايات النووية!! والأمر لا يقتصر على ذلك بل تشـير الدراسة إلى أن تسابق شركات المياه في الإنتاج يضر بالمخزون المائي للدول، وتلمح إلى أن هذه المياه ليسـت مناسبة في كل الحـالات لصحــة المستهلكيـن·
وفي ضوء هذه الدراسة وغيرها من المؤشرات المتعلّقة بممارسات بعض شركات المياه في دولة الإمارات، فإن المطلوب أن تنتبه الجهات المعنية إلى الآثار البيئية المستقبلية لهذا التكاثر الطفيلي لشركات توزيع المياه، خصوصا أن مصدر التعبئة يبدو مجهولا في كثير من هذه الشركات، كما أن الأرباح باتت مغرية لدرجة دفعت شركات المياه الغازية إلى خوض المنافسة لنيل نصيب من كعكة سوق المياه في الدولة· المؤشرات والأرقام تعكس حجم الجهود الهائلة التي تبذلها الدولة في سبيل توفير المياه العذبة من دون التأثير في مخزون المياه الجوفية، ولكن من الضروري الانتباه إلى كلفة التغاضي عن الآثار البيئية المدمّرة للتنامي في استهلاك المياه المعبأة وضرورة تشديد الرقابة على مواصفات الإنتاج، لاسيّما بعد أن كشف في الآونة الأخيرة عن بعض الشركات التي لا تلتزم بالمواصفات الصحية القياسية في إنتاج المياه·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae