هل وضع لبنان كـل الاحتمالات التي ترجح إمكانية قيام حرب أهلية أخرى، وراء ظهره كليا؟ وما الضمانة التي تحـول بين اللبنانيين وبين العودة إلى إشهار السلاح ضـد بعضهم بعضا؟
هناك الكثير من المؤشرات في مرحلتنا الراهنة مما يدفع إلى طرح ذلك التساؤل أعلاه، مع ما يستبطنه من توجس كبير لدى البعض من إمكانية العـودة بالزمن إلى الوراء وتكرار التجربة الأليمة التي لم تبارح ذاكرة اللبنانيين بعد! ومما يمثل مؤشر إنذار خطيرا هـو مسار الأزمة الحالية ومراحل الاشتداد والانفراج فيها؛ إن فريقا كان يتهم آخر بالارتماء في أحضان النفوذ السوري، فحول الذين ناصبوا العداء لأي دور سوري في لبنان، غضبهـم الآن إلى أطراف لبنانية ما فتئوا يعتبرونها طابورا خامسا لسوريا في لبنان! من هنا تكمن حساسية الشرخ اللبناني الداخلي والذي تعمق بعد خروج سوريا، وبدأ يأخذ أبعادا دولية جد خطيرة· فمناهضـو سوريا، والذين يعتبرون أنفسهم حملة مشعل الاستقلال والتحرير، لا يترددون في الذهاب إلى البيت الأبيض ومسايرة الأجندة الأميركية، متناسين أنه لو كانت أميركا لتمنح شعبا حريته واستقلاله ما كانت لتحتل العراق أو لتتبنى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين! أما فرنسا التي يرى فيها ذلك الفريق أملا آخر لتحرير لبنان، فإن جراح استعمارها له أكثر من 40 عاما لا تزال ماثلة في الذاكرة اللبنانية!
وبقدر ما يبدو دفاع البعض عن النظام السوري ضد إدانات خصومه في لبنان، مهمة تحمل نوعا من التوكيل الخارجي، فإن الحديث باسم المقاومة واحتكار السلاح في نطاق طائفي خاص، يحمل دلالة أخرى لا تقل خطورة!
وهكذا أصبحنا أمام تناقض لبناني داخلي قاعدة إنتاجه الأساسية غير لبنانية، حتى ولو كان عنوانه المعلن مقتل رفيق الحريري! وكلما قل تحكم اللبنانيين في عملية إنتاج خلافاتهم، كلما اقتربوا أكثر فأكثر من سيناريو الحرب الأهلية مرة أخرى!
ناصر عنتر- اليمن