قد يكون من السهل أحيانا شن الحروب على بلد آخر، ولكن الشيء الأصعب هو التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب· حدث هذا في العراق حيث شنت أميركا حربها على هذه الدولة بحجة امتلاكها لأسلحة دمار شامل وبحجة أن نظامها يرتبط بعلاقات مع تنظيم ''القاعدة'' الذي كان قد وجه ضربة الحادي عشر من سبتمبر لأميركا· وعلى الرغم من أن أميركا قد حققت انتصارا سهلا على العراق بسبب فارق القوة والإمكانيات العسكرية الهائلة بين الدولتين، إلا أنها لم تخطط جيدا لفترة ما بعد الحرب· و
كلنا الآن نرى المشكلات التي تواجهها أميركا هناك والتي استدعت من البيت الأبيض مطالبة الكونجرس بتخصيص ميزانية أضافية لمواجهة نفقات الحرب في العراق وأفغانستان وهو ما سيرفع نفقات الحرب في البلدين إلى 120 مليار دولار في العام· يقودنا هذا للحديث عن الوضع في أفغانستان أيضا فعلى الرغم من أن أميركا ودولا أخرى متحالفة معها قد قامت بغزو أفغانستان وإزاحة نظام ''طالبان''، إلا أن تلك القوات قد وقعت في نفس الخطأ فلم تخطط جيدا لبسط الأمن وإعادة الإعمار بعد انتهاء العمليات الحربية الرئيسية· والدليل على ذلك أنها تواجه مصاعب متزايدة هناك، وهو ما دفع بريطانيا كدولة شريك في غزو أفغانستان للتخطيط لإرسال 3300 جندي إضافي إلى أفغانستان بحلول مايو القادم في إطار مجهود لقوة المساعدة الأمنية'' إيساف'' والتابعة للناتو سيقوم معظمها بالتمركز في أقليم ''هلمند'' المضطرب، والذي يشهد عمليات انتحارية متزايدة خصوصا بعد أن قام نظام ''طالبان'' و''القاعدة'' بلملمة صفوفهما هناك وحصلا على أسلحة متطورة من مصادر أجنبية كما تقول الاستخبارات البريطانية·
نفهم من هذا أن القوات الأجنبية هناك وبعد ما يزيد عن أربع سنوات لا زالت تواجه مقاومة في أفغانستان وأن هذه المقاومة تستدعي منها جلب مزيد من الجنود وأن تلك الجيوش بكل قوتها لم تنجح في إخضاع دولة أفغانستان التي كانت قد دمرت تماما خلال عقود من الصراعات الداخلية والخارجية وأصبحت على درجة كبيرة من الضعف· ألا يلقي هذا بشكوك حول قدرة القوى العظمى على تحقيق أجندتها الدولية في الهيمنة ويثبت أن قوة الجيوش ليست هي كل شيء وأن إرادة الشعوب أقوى من الجميع طالما أنها قد استغرقت كل ذلك الوقت ولم تنجح في بسط سيطرتها تماما على دولة كأفغانستان·
كمال زكي- أبوظبي