القفزات العملاقة التي تشهدها كافة المجالات في الدولة تؤكد شمولية رؤية القيادات العليا، فهي قفزات يتم تحقيقها بفضل التوسع النوعي والمدروس في المشروعات العمرانية والسياحية والاقتصادية في الدولة، ما يكشف عن رؤية عميقة لطبيعة التوجهات الاقتصادية العالمية· كذلك، فإنها تعد استمراراً لنهج عملت الإمارات على تكريسه من حيث تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على العائدات النفطية، بل استغلالها أفضل استغلال لتنمية المجتمع والنهوض بالإنسان أولاً باعتباره هدف التنمية·
وليس غريباً أن يتوالى الإعلان عن مشاريع عملاقة في كافة المجالات، حيث أعلن قبل أيام العمل على إنشاء خمس مدن صناعية ضخمة في أبوظبي لتستفيد من مقوماتها وثرواتها الطبيعة في إنشاء مركز إقليمي في مجال الصناعات الثقيلة والمتطورة·
ويأتي تدشين أولى طائرات ''الاتحاد للطيران'' من طراز البوينج العملاقة بعيدة المدى أمس ليبرز الاهتمام بجانب مهم ومؤثر في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها الإمارة مع التوسع الكبير في قطاع السياحة والسفر في الإمارة، ففي الاقتصاد الحديث، يفضل الخبراء الإشارة إلى قطاع السياحة والسفر باعتباره ''صناعة'' تتطلب تخطيطاً مدروساً ودقيقاً لـ''تصنيع المواد الخام'' التي تمتلكها الإمارة، من موقع جغرافي فريد وطبيعة متنوعة ومناخ معتدل معظم أشهر السنة وشيوع الأمن فيها، الأمر الذي جعلها تتصدر قائمة أفضل وجهات السفر العربية لرجال الأعمال وفقاً لتقرير ''الإيكونوميست'' البريطانية مؤخراً·
ولا شك أن التأكيد على ضمان توفير الدعم لشركة ''الاتحاد للطيران''، التي وضعت خططاً طموحة لتكون ثالث أكبر شركة طيران في المنطقة خلال عامين، يمنح الناقلة الوطنية دفعة قوية لتواصل نموها المتسارع الذي يضعها ضمن أبرز شركات الطيران العالمية، ولتلعب الدور المناط بها في عملية التنمية الشاملة وتنويع مصادر الدخل بتعضيد صناعة السياحة والسفر في الدولة·
ولعل الأهم في الإشارة إلى عدم السعي لخصخصة الناقلة في الوقت الحالي هو المفهوم الفريد في الهدف من خصخصة المؤسسات، فعلى عكس بعض الدول التي اضطرت إلى العملية بسبب الحاجة إلى تمويل أو فشل السياسات الحكومية، تؤكد حكومة أبوظبي العمل على دعم الناقلة الوطنية لأنها ''لا تزال تنمو ويجب توفير الدعم لها لكي تستمر في النمو·· وتصبح مثل باقي الشركات التي طرحت للخصخصة·· وقادرة على الاعتماد على نفسها ماليا وتحقق أرباحا''·
ويؤكد هذا المفهوم أن الإمارات تسعى إلى التميز وتحقيق إنجازات في كافة المجالات لخدمة شعبها والمقيمين فيها وزوارها، فعلاً لا قولاً، وأنها تركز على أن تكون انطلاقتها الجديدة والمتجددة متكاملة وشاملة·