Foreign Policy
العداء لأميركا·· كبش فداء
قضايا سياسية عدة شملها العدد الأخير من دورية Foreign Policy التي تصدر كل شهرين عن ''منحة كارنيجي للسلام الدولي'' في واشنطن· وتحت عنوان ''شافيز··· الرئيس''، كتب ''خافيير كوراليس'' مقالاً استعرض خلاله بعض الملامح غير الديمقراطية لنظام الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز· وضمن هذا الإطار ينتقد الكاتب رفض شافيز للأحزاب السياسية، مشيراً إلى أن هذا الرجل بعدما قاد انقلاباً فاشلاً عام ،1992 وبعدما قرر خوض الانتخابات عام ،1998 شدد في حملته الانتخابية على ''خطر الأحزاب السياسية''، فوقتها كان هجومه الشديد على الأحزاب يفوق هجومه على ''الليبرالية الجديدة''، وبعد وصوله إلى الحكم بعام واحد أصدر قانوناً، يعد الأكثر استهدافاً للأحزاب السياسية في أميركا اللاتينية· من ناحية أخرى، قام شافيز باستعداء الولايات المتحدة، فبعد نجاحه في الاستفتاء الرئاسي قبل عامين، وبعد انتقاد المراقبين الدوليين للجهات التي نظمت عملية الاستفتاء، لم يجد شافيز أحداً يهجم عليه سوى الولايات المتحدة، فاتهمها بمحاولة قتله والإطاحة به والتجسس عليه، وكان هدف الرئيس الفنزويلي من ذلك حشد التأييد الداخلي، والحصول على ميزة إضافية هي الانضواء في ''اليسار'' العالمي· الكاتب، وهو أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة هارفارد، يرى أن أموال النفط الفنزويلي والأيديولوجية ''اليسارية'' جعلتا نفوذ شافيز بلا حدود، وفي إطار عدائه للولايات المتحدة، قام الرئيس الفنزويلي بزيارة بلدان لديها علاقات سيئة مع واشنطن كليبيا وإيران وكوبا، وهي بلدان تنظر إليه على أنه شجاع ورجل دولة تقدمي· كما ينظم شافيز حملة في أميركا اللاتينية، يهدف من خلالها الزج بنفسه في العملية السياسية التي تدور في بعض بلدان القارة كبوليفيا وكولومبيا والمكسيك ونيكاراجوا· وأشارت صحيفة ''إلكميرسو'' الإكوادورية إلى أن بعض الحركات ''اليسارية'' السرية تتلقى تدريبات على السلاح في فنزويلا، وثمة تقارير نشرتها صحف مكسيكية عن أن سفارة فنزويلا في البلاد أصبحت محوراً للأنشطة المعادية للحكومة المكسيكية!
وعن الدور العالمي للولايات المتحدة، كتب، ''ميشيل ماندبلاوم''، أستاذ السياسة الخارجية بجامعة ''جون هوبكنز''، مقالاً، رأى خلاله أن العداء لأميركا عادة ما يتم استخدامه، في مناطق كثيرة من العالم، لخدمة السياسات الداخلية للحكومات، خاصة وأن هذه الأخيرة تجد في العداء لأميركا كبش فداء، للتغطية على إخفاق هذه الحكومات في مجالات عدة، وهو ما نراه في بعض دول الشرق الأوسط، كما استغل المستشار الألماني السابق جيرهارد شرويدر معارضته للحرب الأميركية على العراق في تحقيق مكاسب انتخابية قبل أقل من أربع سنوات، ويبدو أنه من الأسهل توجيه اللوم للولايات المتحدة في زمن العولمة وقواها غير الدولية·
الآداب: شرابي وشباب سوريا
اشتمل العدد الأخير من ''مجلة'' الآداب البيروتية على ملفين أولهما نقدي ويتعلق بالمفكر الفلسطيني هشام شرابي الذي فارق عالمنا قبل عام تقريبا، بعد أن عمل أستاذا طيلة أربعين عاما في جامعة جورج تاون الأميركية، وشارك في إنشاء وإدارة العديد من مراكز البحوث، كما أسهم في دعم الثورة الفلسطينية· وقد حصل شرابي على شهادة دكتوراه في تاريخ الحضارة من جامعة شيكاغو عام ،1953 وأصدر العديد من الكتب والمقالات التي تتناول القضية الفلسطينية وحال المثقفين العرب، والسياسات العربية، والحركات القومية، والمجتمع العربي·
وفي دراسة منفردة، يتطرق صقر أبو فخر، إلى موقف شرابي من ''العنف الثوري''، مشيرا إلى أنه انتسب في مراحل شبابه إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكن إعدام أنطون سعادة عام 1949 غير مجرى حياته، فراح يتأرجح بين تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة، وإن اختار أن يكون مثقفا من الطراز الغرامشي لا من طراز المثقف الأكاديمي المعزول، فانحاز إلى مفهوم العنف الثوري الواعي ودافع عنه بأسلوب بليغ! ومثلما رأى أن القضية الفلسطينية ليست في مرحلة الحل العادل، رأى أيضا أن تحرر الشعب الفلسطيني ليس وشيكا، بل ''لا يمكن أن يتم إلا من خلال تغيير جذري في النظام العربي القائم· والتحرر العربي لا يمكن أن يتحقق إلا بالوقوف في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل ونظامهما الجديد في الشرق الأوسط''·
أما الملف الثاني فعن ''الشباب السوري والمشاركة السياسية''، وقد تساءل في مقدمته حول أسباب عزوف ذلك الشباب عن الاهتمام بالعمل العام والمشاركة فيه، مشيرا إلى أنها ترتبط بالسياسة وما يتصل بها من خوف ورهبة، إذ يبدو أن جانبا من ابتعاد الشباب عن السياسة هو أزمة السياسة الحزبية وأزمة الحزب السياسي الذي لم يعد على ما يبدو إطارا مناسبا لحيوية الجيل الشاب· وفي هذا السياق توضح دراسة للدكتور إياد عبدالله أن إقصاء السياسة هو إلغاء للشأن العام وتشجيع لثقافة الكانتونات التي هي ثقافة إقصائية بامتياز· وهنا يحاول الباحث رصد عدد من مظاهر ''النزوع الكانتوني'' لشباب الجامعات السورية؛