بين الثوابت والأعباء
توقع الدكتور إبراهيم البحراوي في مقاله ''عبقرية حماس وصيغة القبول بدولتين'' (الاتحاد، أمس الخميس)، أن تشهد الأشهر المقبلة انفراجا واضحا في بعض المواقف التي حاولت إطباق حصار على الحكومة الفلسطينية المقبلة بقيادة ''حماس''، وبنى توقعه ذلك على عدد من المعطيات، أهمها أن الأعباء والمسؤوليات الجديدة التي ستضطلع بها الحركة، تفرض عليها تغييرا في كثير من مواقفها السابقة، وأن تتعاطى مع قضايا المفاوضات والعون الأجنبي وبعض الملفات الأخرى الداخلية··· بروح مرنة ومقبلة على تقديم التنازلات اللازمة! وأكد الكاتب على ذلك مستندا إلى عبقرية ''حماس'' التي كانت وراء تكتيكها في تبني أسلوب ''الغموض البناء'' حول قضايا في مقدمتها مسألة الاعتراف بإسرائيل·
لكنني خلافا للكاتب، أعتقد أننا لن نرى تغيرا جذريا في مواقف ''حماس''، وأن الرسائل التي أشار إليها في مقاله، لا تفيد بأن ذلك التغير قادم أو متوقع· فحماس أعلنت مرارا وتكرارا أنه لا داعي لإعادة إنتاج ''أوسلو'' ثانية، وما فيها من دروس أثبتت عدم جدوى التسوية والمفاوضات مع الطرف الإسرائيلي، وهي تنطلق في ذلك من مبدأ ثابت في برنامجها السياسي، ألا وهو أن حقوق الشعب الفلسطيني في كامل أراضيه حقوق باقية لا يمكن لأحد التنازل عنها ولا تسقط بالتقادم· لذلك لا أتوقع أن نرى وزراء من ''حماس'' منهمكين في مفاوضات مع مسؤولين إسرائيليين حول معبر هنا وطريق هناك أو من أجل التوافق على شروط لتصدير الطماطم الفلسطينية··· وإلا فإن ''حماس'' ستكون في هذه الحالة حركة أخرى تماما مثل ''فتح'' أو غيرها، ومن ثم ليس من المتوقع أن تكرر استراتيجية عفا عليها الزمن ولم يجن منها أصحابها إلا غضب الشارع الفلسطيني! بطبيعة الحال لست في حاجة إلى القول إن ''حماس'' معنية بأداء المسؤوليات المترتبة عليها بحكم الاستحقاق الانتخابي الأخير ونتائجه، لكنها لن تعدم الوسيلة كي توفق بين ذلك العبء وبين التزامها بالثوابت الوطنية لبرنامجها السياسي المعلن، ألم يتحدث الكاتب عن ''عبقرية حماس''؟!
ضاهر حسن- لبنان